وثالثا: أنه لو كان التفرق بنفسه من المسقطات لكان وجوده كالعدم لو تحقق كرها. وأما لو كان ضده وهو الهيئة الاجتماعية موجبا للخيار، فرفع التفرق تشريعا لا يثبت بقاء الهيئة الاجتماعية.
نعم، لو وقع التفرق عن إكراه أو قهر مع المنع عن التخاير أيضا بأن أجبر على السكوت لكان الحق عدم السقوط، لكن لا لحديث رفع الإكراه، بل لصحيحة الفضيل الدالة على اعتبار الرضا. والرضا فيها وإن لم يكن بمعنى طيب النفس بل بمعنى الاختيار، إلا أنه لو أكره على التفرق ومنع من التخاير أيضا لا يكشف هذا التفرق عن اختيار العقد وإمضائه.
وبالجملة: لو لم يمنع من إعمال الخيار ولكنه بنفسه اختار العقد وإن أكره على التفرق يسقط خياره، كما أنه لو منع من إعمال الخيار ولكنه بنفسه اختار التفرق يسقط خياره أيضا. وأما لو أكره على كليهما فلا يسقط خياره، لإمكان عدم اختياره بقاء العقد فلم يحرز الإمضاء فيستصحب الخيار (1).
ثم لا يخفى أن قول المصنف (قدس سره): (ولا ريب أن الرضا المعتبر ليس إلا المتصل بالتفرق.... إلى آخره) غير صحيح، لأنه لو كان المدار على التفرق الصادر عن الرضا - أي التفرق الناشئ عن الطيب بالعقد - لكان اللازم القول بعدم السقوط في التفرق الناشئ عن الغفلة أو النسيان، مع أنه لا يلتزم به. ولا يبعد أن يكون وجه العدول عن هذا التفسير إلى تفسير آخر - بقوله: " أو يقال " إلى آخره -.
ورود الإشكال عليه، مع أنه يقع في محذور آخر على التفسير الثاني، فإن التفرق ليس كاشفا نوعيا حتى يسقط به الخيار مطلقا.
قوله (قدس سره): (مسألة: لو أكره أحدهما على التفرق.... إلى آخره).
لو تحقق الإكراه الموجب لعدم سقوط الخيار بالنسبة إلى أحد المتعاقدين دون الآخر، لكونه مختارا إما بالبقاء لو كان المكره مكرها على الافتراق،