التسليم والتسلم بعد العقد فكذلك يقتضيه بعد الفسخ بعكس ما يقتضيه حين العقد.
وصحة الإجارة تستلزم عدم لزوم تسليم العين إلى الفاسخ، لاستحقاق المستأجر أن تكون العين تحت استيلائه فيقتضي أن يستحق المؤجر أخذ ماله دون الفاسخ وقياس الفسخ. على الإقالة إما مع الفارق وإما أن الحكم في المقيس عليه حكم المقيس، لأنهما لو أقالا مع علمهما بالإجارة فالتزما بكون العين في يد المستأجر.
وأما لو آجر أحدهما ما انتقل إليه ثم استقال الآخر مع جهله فلا وجه لصحة الإقالة وصبر المقيل إلى انقضاء مدة الإجارة، بل لا بد إما من بطلان الإجارة أو الإقالة أو ثبوت الخيار للمقيل الجاهل. فما أفاده المصنف في أول العنوان وجها لبطلان الإجارة من كونها إبطالا لتسلط الفاسخ على أخذ العين هو الصواب، سواء قلنا بنفوذ التصرفات الناقلة من غير ذي الخيار أو لم نقل، لأن العين في المقام باقية في ملك المؤجر فيؤثر فسخ ذي الخيار بالنسبة إليها وإذا عادت إليه فلا بد أن يكون مسلطا عليها، وهذا لا يجتمع مع صحة الإجارة المقتضية لاستحقاق المستأجر وضع اليد عليها.
قوله (قدس سره): (ثم إنه لا إشكال في نفوذ التصرف بإذن ذي الخيار وأنه يسقط خياره بهذا التصرف.... إلى آخره).
لا يخفى أن نفوذ تصرفه بإذن ذي الخيار واضح جدا، لأنه مالك للمال فعلا والمنع كان لتعلق حق ذي الخيار به فإذا أجاز ارتفع المنع، إنما الكلام في سقوط خياره به، مع أنه لا منافاة بين الإذن في التصرف الناقل بل الإتلاف وإرادة الفسخ وأخذ البدل.
والمصنف جعل منشأ السقوط أمرين:
الأول دلالة الإذن عرفا على الالتزام بالعقد.
والثاني أن التصرف المأذون فيه تفويت لمحل هذا الحق.
ولكنك خبير بأن الوجه الأول لا يمكن الالتزام به كما أشرنا إليه في خيار الغبن، لأن الإذن لو كان دالا على إسقاط الحق لزم سقوطه ولو لم يتصرف