من عليه الحق، كحق الخيار في المقام فإنه لا يقبل الانتقال إلى غير من عليه الخيار، ولكنه قابل للانتقال إلى من عليه الخيار، كما سيجئ شرحه.
قوله (قدس سره): (لو قال أحدهما لصاحبه اختر.... إلى آخره).
لا يخفى أن هذه الكلمة يحتمل أن يراد بها تمليك الخيار ممن عليه الخيار، فإن هذا الحق قابل لأن ينتقل إليه، وإن لم يقبل الانتقال إلى غيره - لأنه شرع لإرجاع العين إلى ملك مالكها الأصلي - فهو تابع للمال وينتقل إلى من كان أحد العوضين ملكا له، ولذا ينتقل إلى وارثه ولا ينتقل إلى وارث الأجنبي - الذي جعل الخيار له في العقد - فإن الأجنبي بمنزلة الوكيل ليس مالكا للمال حتى يكون مالكا لحق الخيار. ويحتمل أن يراد بها تفويض الأمر إليه بحيث إنه لو تصرف فيما فوض إليه ينفذ في حق الآمر، وأما لو لم يتصرف فيبقى حقه على حاله، كما لو أذن المرتهن في بيع العين المرهونة، فإنه لا يسقط الرهانة إلا بالبيع لا بالإذن. وهذا بخلاف الأول، فإن التمليك يوجب انتقال الحق من الآمر إلى المأمور.
هذا مضافا إلى أنه وإن لم يقبل الانتقال أصلا ولو إلى الطرف الآخر إلا أن التمليك غير التفويض، فإن التمليك بنفسه إسقاط لأن مرجع الخيار إلى مالكية الالتزام، فإذا نقل هذا الالتزام إلى طرفه فلا يملك التزام نفسه، فيصير العقد كالعقد اللازم ابتداء، وهذا عين معنى الإسقاط.
ويحتمل أن يراد بها استكشاف حال المأمور لا التمليك ولا التفويض، وليست هذه الكلمة ظاهرة في إحدى المحتملات إلا بقرائن حالية أو مقالية.
قوله (قدس سره): (مسألة: من جملة مسقطات الخيار افتراق المتبايعين.... إلى آخره).
لا إشكال في سقوط الخيار بالافتراق ولو لم يكشف عن الرضاء بالعقد، لأنه بنفسه من المسقطات. وعلى هذا فلو حصل في حال الغفلة والنسيان سقط به الخيار كما في حال الالتفات والذكر، وهذا لا ينافي اعتبار الاختيار بمعنى آخر في الافتراق، وعدم كفاية الافتراق الحاصل عن كره إذا منع من التخاير أيضا للفرق بين المكره وغيره بالنص الخاص.