غاية الأمر أن التزامه كان منوطا بتسليم ذي الخيار والمفروض تبرعه به وهكذا في قوله " وله استرداد المدفوع قضية للخيار " لأن الدافع وإن كان من له الخيار إلا أن مقتضى خياره هو الامتناع عن التسليم ابتداء، وأما بعده فلا دليل على جواز استرداده إلا إذا كان اتفاقيا كما هو الظاهر، حيث جعل المخالف بعض الشافعية.
قوله (قدس سره): (قال في القواعد لا يسقط الخيار بتلف العين.... إلى آخره) (1).
لا يخفى أن هذه القاعدة مسلمة في الجملة، ولا تعارضها قاعدة " التلف قبل القبض " وقاعدة " التلف في زمان الخيار " فإن التلف في الموردين وإن أوجب سقوط الخيار إلا أن إيجابه له إنما هو لانفساخ العقد به، ومورد هذه القاعدة إنما هو مع بقاء العقد فلا تزاحم بينهما، ثم إن موردها إنما هو في الخيار الشرعي لا الجعلي، فإنه تابع لكيفية الجعل، فقد يتعلق الخيار بنفس العين بخصوصيتها الشخصية، وقد يتعلق بماليتها. فمن اختلافهما لا يمكن الاستظهار لإثبات القاعدة أو نفيها، كما أنه لا يمكن إحراز الثبوت أو السقوط من كلمات الأعلام، فإنه قد يظهر منهم التأمل في بقائه مع التلف في جملة من الموارد.
منها: في المرابحة لو ظهر كذب البائع في رأس المال، فإنه لا شبهة في ثبوت الخيار للمشتري، إما للإجماع، أو لإرجاعه إلى تخلف الشرط الضمني، حيث إن بيعه برأس المال يتضمن اشتراط صدقه في إخباره. ومع ذلك لو تلف المتاع في يد المشتري فقد تردد العلامة في ثبوت الخيار، بل حكى عن المبسوط وبعض آخر الجزم بالعدم، وعلل ذلك بأن الرد إنما يتحقق مع بقاء العين، ولكن قوى في المسالك وجامع المقاصد (2) ثبوته.
ومنها: في الغبن فإن المحقق الثاني تردد في سقوط خيار الغبن بتلف المغبون فيه (3)، بل ظاهر العلامة سقوطه في التلف الحكمي، كما إذا نقل المغبون العين عن ملكه معللا بعدم إمكان الاستدراك حينئذ.