وبالجملة: في جميع الأبواب المدار على الضرر الشخصي، والغبن في المعاملة بمقدار الثلث ضرر على كل شخص ولو كان ذا ثروة ومال، وبمقدار نصف العشر ليس ضرريا ولو للمعدم المفلس. وشراء ماء الوضوء لو كان قيمة الماء كثيرة ولم يقع الغبن في المعاملة لا يكون ضرريا، حتى يقال: شخصي أو نوعي. وإذا وقع الغبن فيها فالمدار على أنه مما يتسامح أو لا يتسامح.
نعم، قد يكون شراء الماء للمعدم حرجيا ولو لم تكن المعاملة ضررية - كما إذا كان قيمة الماء في المفازة بمقدار ما اشتراه به - فإذا كان حرجيا فإيجاب الوضوء عليه حرجي باعتبار مقدمته.
قوله (قدس سره): (مسألة: ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار أو كاشف عقلي.... إلى آخره).
لا يخفى أن الخيار حق واقعي، سواء قلنا بأن مدركه تخلف الشرط الضمني مطلقا أو من جهة الضرر، أم قلنا بأن مدركه قاعدة لا ضرر من دون أن يكون التساوي شرطا بل كان داعيا أو شرطا بنائيا غير مذكور في العقد، فلا يدور مدار العلم بالغبن بل العلم به كاشف عقلي، لأن معنى الخيار أن ملك الالتزام بيد نفس الملتزم. فإذا كان منشأ الخيار اشتراط التساوي فتخلفه من حين العقد موجب لعدم التزام المغبون بما التزم به، فيرجع اشتراط التساوي إلى الخيار الجعلي من حين تخلف التساوي. وهكذا إذا كان منشأ الخيار قاعدة لا ضرر، لأنه يرجع مفادها إلى جعل الشارع الخيار للمتضرر. ومعلوم أنه متضرر حين العقد، فلا بد أن يكون لزومه مرتفعا من حين وقوعه، لا من حين العلم بالضرر، لما ذكرناه في قاعدة لا ضرر أن الضرر الواقعي رافع للأحكام الوضعية لا المعلوم، لأن الضرر هنا لا يستند إلى الجهل بل إلى اللزوم، لأن الجهل به لا يوجب إلا صدور المعاملة من المغبون. ونفس صدورها ليس ضرريا، بل الضرر يتحقق بعد تحقق المعاملة إذا كانت لازمة.
فلا يقاس المقام على الأحكام التكليفية، حيث تقدم أن العلم بالضرر له دخل