الأول: إن التفرق كما يحصل بحركة كل منهما إلى جانب غير جانب الآخر، كذلك يحصل بحركة أحدهما وسكون الآخر.
والقول بأن الافتراق ثبوتي والسكون عدمي - على فرض تسليمه - لا أثر له، لأن المدار في الخيار إذا كان على الهيئة الاجتماعية فبحركة أحدهما تنفصل الهيئة. ولم يعتبر في انفصال الهيئة الطيب والرضا، حتى يقال: إن الساكن لم يفعل شيئا.
الثاني: أن بقاء الأكوان وعدمه وافتقار الباقي إلى المؤثر وعدمه لا يرتبط بالمقام، فإنه لو قيل ببقاء الأكوان لا بتجددها آنا فآنا وعدم احتياج الباقي في بقائه إلى المؤثر - يعني أن العلة المحدثة هي المبقية - فغايته أن استمرار السكون ليس مستندا إلى الساكن، بل بقاؤه إنما يكون بنفس علته المحدثة. وهذا لا يفيد بعد ما ظهر أن الهيئة الاجتماعية ترتفع ولو بإطارة الهواء، وأن مجرد انفصالها ولو عن إكراه يوجب سقوط الخيار.
الثالث: أن اقتضاء مقابلة الجمع بالجمع والتثنية بالتثنية التوزيع إنما هو لظهور جعل عنوان فعل كل مكلف متعلقا لتكليف نفسه، ولذا يحتاج اعتبار الاجتماع إلى مؤنة زائدة على ظهور أدلة التكاليف، وأما لو لم يتوقف اعتبار الاجتماع إلى مؤنة زائدة فلا يصير الشمولي أظهر من المجموعي، وفي مقامنا حيث جعل الهيئة الاجتماعية مدارا للخيار فلا يقتضي ملاحظة وصف الاجتماع إلى مؤنة زائدة، لأن الهيئة من الإضافات القائمة بالطرفين وقوامها باجتماع كليهما على هذا الوصف، بل في مثل المقام اعتبار إضافة كل بالنسبة إلى نفسه يحتاج إلى مؤنة زائدة.
إذا عرفت ذلك ظهر من الأمرين الأولين أن التفصيل بين بقاء المختار في المجلس فالثبوت لهما وبين مفارقته فالسقوط عنهما لا وجه له، وظهر من الأمر الثالث أن التفصيل بين المختار مطلقا والمكره فالسقوط عن المختار والثبوت للمكره لا وجه له، لأن الإضافة تنقطع باختيار أحدهما. فيبقى في المقام قولان آخران الثبوت لهما والسقوط عنهما. ولولا صحيحة الفضيل لكان مقتضى