الأصل في تنبيهات الاستصحاب، لأن المخالفة ليست مسبوقة بالعدم مع فرض وجود موضوعه حتى يحكم باستمرار العدم، إذ الشرط إما وجد مخالفا أو غير مخالف، فلا محالة يكون استصحاب عدم المخالفة بلحاظ العدم السابق على وجود موضوعها من حيث كونها بنفسها من الحوادث المسبوقة بالعدم الأزلي لا محالة. وبهذا اللحاظ - أي بلحاظ عدمها النفسي المحمولي - لم يؤخذ موضوعا، بل أخذ بلحاظ عدمها النعتي - أي عدم كون الشرط مخالفا - وبهذا الاعتبار ليس مسبوقا بالحالة السابقة.
وحاصل الإشكال على هذا الأصل: أن عنوان المخالفة بوجوده النفسي المحمولي وإن كان مسبوقا بالعدم لا محالة، لكن إثباته لا يكاد يثبت الموضوع الشرعي، ولا يكاد يلتئم به الموضوع المقيد ويحرز بضم الوجدان إلى الأصل حتى يترتب عليه حكمه إلا بنحو من الملازمة العقلية التي لا اعتبار بها في الأصول على ما حقق في محله. وبوجوده النعتي الرابطي إذا استصحب عدمه يلتئم منه الموضوع، ولكنه غير مسبوق بالعدم الكذائي، لوضوح أن العدم لا يكاد يصير نعتا لموضوعه إلا بتحقق الموضوع، غير متصف بالوصف، فيصير عدم الوصف نعتا له. أما قبل وجود الموضوع فليس إلا العدم المحمولي.
ولقد أجاد (قدس سره) في تنبيهات الاستصحاب في بيان الضابط بين العدم النفسي والنعتي، وعدم جريان الأصل في الثاني دون الأول، وكأنه عدل عنه وبنى على جريان هذا الأصل.
وحيث إنه أصل دائر في كثير من المسائل الفقهية فلا بأس بشطر من الكلام فيه، وبيان ما هو التحقيق فيه في الجملة.
فنقول: إذا أخذ قيد في موضوع الحكم الشرعي وجودا أو عدما، فتارة من قبيل العرض ومحله، وأخرى من قبيل الجوهرين - مثل كون زيد وعدم كون عمرو معه مثلا - أو عرضين لموضوعين، أو لموضوع واحد خارج عن موضوع الحكم.
أما ما لم يكن من قبيل العرض وموضوعه، فجريان الاستصحاب في كل