وعلى أي حال ما كان فعلا للشارط فلا بد أن يكون تحت قدرته، إما ابتداء كالأفعال المباشرية، أو بتوسيط سببه على وجه لم يكن بين السبب والمسبب أمور غير اختيارية الموجبة لحصول الغاية تارة وعدم حصولها أخرى، كاشتراط جعل الزرع سنبلا والبسر رطبا، فإن هذه الأمور من أفعال الله تبارك وتعالى بتوسيط أمور خفية وغير خفية يكون فعل العبد - وهو الزرع والسقي ونحوهما - مجرد إعداد لها، فلا يصح استناده إلى العبد وعده من أفعاله كما لا يخفى.
وأما ما كان من قبيل أوصاف المبيع، فلا بد أن يكون حاليا بحيث يقدر الشارط على أن يسلمه تبعا للعين، فإن لم يكن حاليا مثل الأوصاف التي يمكن تحققها كما يجوز عدمه - ككون الزرع سنبلا أيضا بناء على اشتراط اعتباره وصفا للمبيع لا فعلا للشارط، إذ يصح اعتباره بكلا الوجهين، واشتراط القدرة احتراز عنه بكلا وجهيه - فلا يجوز اشتراطه، لما ذكرنا من عدم كون الوصف الغير الفعلي مملوكا له وتحت سلطنته.
وما كان من قبيل شرط النتائج مثل كون المال المخصوص لزيد - مثلا - فالقدرة عليه حصوله بنفس الاشتراط من غير حاجة إلى سبب خاص، فاشتراط كون زوجته مطلقة أو أمته حرة وأمثال ذلك باطل جدا.
نعم، يصح اشتراط إيجاد السبب مثل أن يعتق عبده - مثلا - فلا مانع منه من تلك الجهة، لكونه تحت سلطنته لو لم يكن فيه محذور من جهة أخرى، فتأمل جيدا.
قوله (قدس سره): (الثاني أن يكون الشرط سائغا في نفسه.... إلى آخره).
الظاهر أن ذكر هذا الشرط مستدرك، لإرجاعه إلى اشتراط القدرة، فإن الممتنع شرعا كالممتنع عقلا، وكذلك على ما ذكرنا من اعتبار كونه مملوكا له، إذ بالنهي الشرعي يخرج عن تحت سلطنته ومملوكيته، مضافا إلى أن مرجع اشتراط المحرم إلى الاشتراط المخالف للكتاب، فيكون من مصاديق المسألة الآتية، فتأمل ولا تغفل.