وجوب البيع من زيد يوجب النهي عن ضده حتى يقال: إن الأمر بالشئ لا يقتضي النهي عن الضد، وعلى فرض الاقتضاء النهي الغيري لا يوجب الفساد، وذلك لأن المعاملة مضافا إلى اعتبار صحتها من حيث شرائط العقد والعوضين والمتعاقدين يعتبر أن يكون إيجادها مقدورا لمالكها، فتفسد إذا لم تكن مقدورة شرعا بالشرط.
قوله (قدس سره): (وكيف كان فالأقوى أن الشرط الغير المذكور في متن العقد غير مؤثر.... إلى آخره).
والسر فيه ما ذكرناه مرارا من أن القصود والدواعي غير معتبرة في العقود ما لم ينشأ لفظ على طبقها، فمجرد وقوع العقد مبنيا على شرط مع عدم ذكره في متن العقد لا يؤثر في سقوط الخيار، وذلك لأن الشرط إلزام مستقل لا يرتبط بالعقد، فارتباطه به يتوقف على الالتزام به في العقد، ومجرد البناء عليه ليس التزاما به.
ولا يقاس على أوصاف العوضين - كالحنطة الحمراء - ولا على الشروط التي جرت العادة والعرف على الالتزام بها في العقد.
أما الأوصاف فلأنها لو ذكرت قبل العقد فذلك يوجب انصراف العوض إليها في العقد، فلا يحتاج إلى إنشاء على حدة.
وأما الشروط فسواء كانت من شروط العوضين كالسلامة من العيوب التي هي من قيود العوضين أم كانت من الشروط التي كان بناء العرف والعادة عليها - كالتسليم والتسلم - فإنشاء العقد إنشاء لها، لأنها من لوازم ألفاظ العقود، فكما أنه ينشأ بها معانيها المطابقية فكذا مداليلها الالتزامية. وهذا بخلاف الشرط الخاص للعاقد الخاص، فإنه ليس من المداليل الالتزامية وليس كالشروط النوعية وكالأوصاف، فليس هو المنشأ في العقد إلا مع ارتباط العقد به صريحا أو إشارة كأن يقول: بعت على ما ذكر.
وبالجملة: بعد ما عرفت من أن المراد من اشتراط الإسقاط في متن العقد هو عدم فسخ العقد لا عدم كون العقد خياريا، فليكن المراد من اشتراط سقوطه قبله هو هذا المعنى.