على اللزوم في خصوص البيع مما لا تنكر. كما أن دلالة غير آية " أوفوا بالعقود " على أصالة اللزوم في العقود المعاوضية كذلك، ودلالة " أوفوا " على أصالة اللزوم في مطلق العقود ولو كان العهد الذي بين الله تعالى وعباده أيضا كذلك.
قوله (قدس سره): (وقد عرفت أن ذلك مقتضى الاستصحاب أيضا.... إلى آخره).
لا يخفى أن العقود على ثلاثة أقسام:
الأول: العقود الإذنية - كالعارية والوديعة والوكالة والمضاربة التي قوامها بالإذن من المالك التي يكفي فيها كل لفظ أو فعل كاشف عن الرضا منه - ولا إشكال في أن مقتضاها أن مع فسخ المالك ينتفي رضاه بالتصرف فيرتفع ما هو قوامها، فلا يجري فيها الاستصحاب، بل في الحقيقة هذه الأقسام خارجة من باب العقود بالتخصص، وإنما تسمى عقدا لاعتبار رضا الطرفين، وإلا فهي ليست إلا تسليطا على التصرف.
نعم لو اشترط عدم الفسخ في ضمن عقد آخر فهي تابعة لذلك العقد.
وأما لو اشترط عدمه في نفس هذا العقد، كما لو وكله وشرط عدم عزله فلا يفيد هذا الشرط، لأن كل ما بالغير لا بد أن ينتهي إلى ما بالذات، ونفس الوكالة لو كانت جائزة فالشرط في ضمنها مثلها.
والثاني: العقود التنجيزية كالبيع والصلح وأمثالهما، ولا إشكال أن مقتضى الاستصحاب بقاء أثر ما أنشئ بالعقد فينتج نتيجة اللزوم. والمناقشة فيه بمعارضته باستصحاب بقاء علاقة المالك الأول - المقتضي لتأثير فسخه في استرجاع المال إلى ملكه، وحكومته على استصحاب ما ينتج اللزوم، لأن الشك في اللزوم والجواز ناش عن الشك في بقاء علاقة المالك الأول - ممنوعة جدا، لأن علاقة المالك إن أريد بها العلاقة التي بها يقدر على فسخ العقد وحله بناء على أن الخيار راجع إلى ذلك ففيه عدم تحقق المستصحب قبل العقد، وعدم تيقنه، بل نقطع بعدمه، لأنه قبل البيع لا عقد حتى يمكن لبائعه - مثلا - حله وأما حين البيع فيتحقق هذا الحق له أول الكلام.