أيضا، لأنها وإن لم تتضمن تمليكا أو تسليطا فعلا إلا أنها بعد حصول المعلق عليه فيها يحصل الملكية. فإنشاء التمليك على تقدير السبق مقتض لاختصاص السبق بالسابق، فإذا شك في ارتفاع هذا الأثر عن العقد لفسخ أحد المتعاقدين فالأصل بقاؤه بل المسلم من حجية الاستصحاب التعليقي هذا القسم منه وما يشبهه من استصحاب عدم النسخ.
وبالجملة: التكليف المنشأ على الموضوع المقدر وجوده - كالحج على المستطيع - لو شك في ارتفاعه عن موضوعه فالأصل بقاؤه، كما أن الملكية المنشأة على تقدير - كالرمي والسبق - لو شك في ارتفاعها بالفسخ فالأصل بقاؤه.
والعجب من المصنف (قدس سره) أنه مع تحقق أحد جزئي موضوع الحكم - كالعصير العنبي - كيف أجرى الاستصحاب حكمه مع عدم تحقق جزئه الآخر.
وفي المقام مع أنه إنشاء تكليف أو وضع على موضوع مقدر وجوده لم يجر فيه الاستصحاب، مع أن حقيقة الملازمة بين تحقق الموضوع والحكم ثابتة في المقام، فهي قابلة للاستصحاب لا مثل حكم العصير العنبي. وقد استوفينا الكلام فيه في الاستصحاب التعليقي.
قوله (قدس سره): (بل يرجع في أثر كل عقد إلى ما يقتضيه الأصل.... إلى آخره).
لا يخفى أن منشأ الشك في اللزوم والجواز تارة لشبهة حكمية، وأخرى لشبهة خارجية فإن كان للأول فحيث إنه لا أصل يثبت السبب فيجري الأصل في المسبب، ويقال: الأصل بقاء أثر العقد ملكا كان - كالبيع - أو حقا، كالرهن. ولو كان للثاني فقد يكون هنا أصل موضوعي يثبت اللزوم والجواز، وقد لا يكون.
فالأول كما إذا علم بأن العقد الصادر بيع وشك في جعل الخيار، فالأصل عدم جعله فيثبت اللزوم، أو علم بأن الصادر هبة وشك في جعل الثواب أو قصد القربة.
فالأصل عدمها، فيثبت الجواز.
والثاني كما لو اشتبه العقد الصادر بين البيع والهبة، أو الإجارة والعارية، أو القرض والوديعة.