و " أوفوا بالعقود " يدل على وجوب الوفاء بهذا الالتزام الذي به سمي العقد عقدا وعهدا مؤكدا، كما أن بالإقالة تنحل هذا الالتزام ويرد كل منهما الالتزام الذي ملكه إلى صاحبه، والخيار ملك كلا الالتزامين، ولذا يثبت في كل ما يجري فيه الإقالة وبالعكس.
فإذا كان الالتزام من منشئات المتعاقدين، فلو اشترطا أن لا يكون هذا في مدة معينة لأحدهما فلا يملك المشروط عليه التزام المشروط له، وإذا ارتفع موضوع الحكم فلا حكم، حتى يكون شرط خلافه مخالفا للكتاب. ولو لم يكن الأدلة العامة الواردة في الشروط لكفى " أوفوا بالعقود " لصحة هذا الشرط، لأن وجوب الوفاء بما التزم به كل عاقد على نفسه إنما هو عين وجوب الوفاء بأن لا يكون العقد لزوميا في مدة، كما أن شرط سقوط الخيار كذلك فتأمل.
قوله (قدس سره): (مسألة: لا فرق بين كون زمان الخيار متصلا بالعقد أو منفصلا....
إلى آخره).
تنقيح ما في هذا العنوان يتوقف على بيان أمور:
الأول: أنه لا مانع من صيرورة العقد جائزا بعدما كان لازما، لعدم قيام الدليل على امتناع هذه الكبرى، مضافا إلى ثبوت نظيرها في الشرع، كخيار التفليس والتأخير.
الثاني: أنه لا تحديد لمدة الخيار في طرف القلة أو الكثرة.
نعم، لا بد أن تكون المدة مضبوطة، فلو جعلها أبدا أو مدة العمر في طرف الزيادة، أو بمقدار يمكن فيه إعمال الخيار في طرف القلة، فإنما يبطل من جهة الجهل بالمدة، لا من حيث الزيادة والنقيصة. بل يمكن أن يقال: إن جعله أبدا يبطل من جهة أخرى أيضا، وهي منافاته لمقتضى العقد، فإن مقتضاه بمدلوله الالتزامي هو التزام كل من المتبايعين بما أنشأه. فلو لم يلتزم أحدهما به في مقدار من الزمان فهو ينافي إطلاقه، ولا بأس به. وأما لو لم يلتزم به أبدا فهو ينافي مقتضاه، ويفسد.
الثالث: أن العقد تارة مبني على المحاباة والتسالم كالصلح المحاباتي،