وكيف كان، فنتيجة ما ذكرنا من التفصيل والتطويل وإن لم يكن خاليا عن الفائدة والإفادة، لشيوع هذا الاستصحاب في الأبواب كثيرا فلا بد من تنقيحه. أن النعوت العدمية التي نسبتها إلى منعوتاتها نسبة العرض إلى موضوعه - مثل عدم كون الشرط مخالفا، أو عدم كون الدم حيضا أو عدم كون الماء كرا، أو عدم كون الامرأة قرشية، إلى غير ذلك من الموارد العديدة التي لا تحصى - لا مجال لاستصحابها بلحاظ عدمها السابق على وجود موضوعاتها، لعدم كونها بهذا اللحاظ مسبوقة بالعدم، وبلحاظ عدمها المحمولي لم تؤخذ موضوعا لحكم، بل قد عرفت امتناعه ثبوتا، وعدم وقوعه إثباتا. وحينئذ لو شك في هذه الموارد مثل إن الشرط مخالف للكتاب أم لا؟ فلا أصل في تلك المرحلة، ولكنه حيث يوجب الشك في نفوذ الشرط فالأصل المسببي - أي أصالة عدم نفوذ الشرط وعدم كون المشروط عليه ملزوما به - هو المحكم. فافهم واغتنم.
قوله (قدس سره): (الشرط الخامس أن لا يكون منافيا لمقتضى العقد.... إلى آخره).
اعلم أن مقتضيات العقد تارة ما يقتضيه بذاته، بمعنى أن سلب ذاك المقتضى عنه يكون مساوقا لنفيه وإبطاله.
وأخرى ما يقتضيه بإطلاقه، سواء كان من آثاره المترتبة عليه عرفا - مثل اقتضائه للتسليم والتسلم، وكون الثمن نقدا، وكونه نقد البلد وما يشبه ذلك - أو من الأحكام الثابتة له شرعا مثل ثبوت خيار الحيوان للمشتري وخيار المجلس للمتعاقدين ونحوهما، فإن مرجع الجميع إلى الأحكام الثابتة له شرعا غايته إما تأسيسا أو إمضاء، وإلا فالأثر العرفي لولا الإمضاء الشرعي لا مانع من اشتراط خلافه، لعدم منافاته مع ذات العقد، ولا يندرج تحت عموم الشرط المخالف للكتاب، فلا محذور.
وكيف كان، فمن المعلوم أن ما كان منافيا لإطلاقه لا مانع عن اشتراطه، لوضوح أن معنى الإطلاق صلاحيته للتقييد وصحة الاشتراط على خلافه، فالمنع عنه من جهة أخرى لا محالة. فيندرج المسألة من تلك الجهة في المسألة السابقة،