ثم إنه (قدس سره) في باب المعاطاة جعل الفرق بين الجواز الحقي والحكمي باعتبار اختلاف متعلقه، وقال: لو كان الجواز واللزوم بمعنى جواز فسخ المعاملة وعدمه - كما في باب الخيار - فهما من أحكام الأسباب.
وأما لو كانا بمعنى جواز تراد العينين بلا توسط فسخ المعاملة - كما في الهبة - فهما من أحكام الملك (1).
فجعل الجواز الحقي بمعنى الخيار والحكمي بمعنى الرد الخارجي الذي لا يمكن إلا مع بقاء العينين. ولا يخفى ما في كلامه في كلا المقامين، أما جعل الجواز الحكمي كما في الهبة بإرجاع العين من دون فسخ المعاملة فهو لا يستقيم، لأن رد العين من دون الفسخ تصرف في مال الغير. فليس الفرق ما ذكره، بل ما ذكرنا في مقامه.
من أنه: لو كان الجواز أو اللزوم راجعا إلى نفس المنشأ - أي إلى المدلول المطابقي للعقد - فهو حكمي، كالجواز في الهبة واللزوم في النكاح.
ولو كان راجعا إلى الالتزام الذي التزم به كل من المتعاقدين - الذي بهذا الاعتبار تسمى المعاملة عقدا - فهو حقي.
وأما ما أفاده " من عدم استلزام الجواز الخيار المصطلح " فقد ظهر ما فيه مما ذكر من الفرق بين الجوازين، لأنه لو كان وجوب الوفاء بالعقد راجعا إلى الالتزام الذي التزم به كل من المتعاقدين بما تضمنه من شرط التساوي فإذا فقد شرط التساوي يرتفع ما التزم به لو كان ضرريا. ولازم ذلك أن يكون التزامه تحت سلطنته وهذا ليس إلا الخيار، فإذا كان مفاد لا ضرر عدم لزوم المعاملة الغبنية لأن من لزومه ينشأ الضرر على المغبون فمعناه عدم كون الغابن مالكا للالتزام الذي ملكه المغبون، بل أمر الالتزام بيد المغبون، وله أن يفوضه ثانيا إلى الغابن أو أن يفسخ.
قوله (قدس سره): (مسألة: يشترط في هذا الخيار أمران.... إلى آخره).