قوله (قدس سره): (ومن أحكام الخيار ما ذكره في التذكرة فقال: لا يجب على البائع تسليم المبيع ولا على المشتري تسليم الثمن في زمان الخيار (1).... إلى آخره).
قد عرفت في خيار المجلس أن من أعظم الشروط التي يتضمنها العقد هو التسليم والتسلم، بل هو الغرض الأصلي من المعاوضة، فإذا لم يكن العقد خياريا يجب التسليم على الطرفين ويثبت لكل واحد منهما حق حبس ما انتقل عنه إذا امتنع الآخر من التسليم، لأن ذلك أثر التزام كل منهما على التسليم، فيكون حاكما على قاعدة السلطنة وحرمة التصرف في مال الغير بدون إذن مالكه. وأما لو كان خياريا فحيث إن العقد بجميع مداليله المطابقية والالتزامية تحت يد ذي الخيار لا يجب عليه التسليم، كما لا يجب عليه الوفاء بأصل العقد. فلا يقال: هذا مخالف لقاعدة السلطنة، لأن من لا خيار له لو انتقل إليه المال على نحو كان لمالكه الأصلي التسلط على عدم التسليم لم يثبت له السلطنة المطلقة، وبالجملة قاعدة السلطنة قابلة للتضييق.
فما أفاده (قدس سره) من " أنه لم أجد لهذا الحكم وجها معتمدا " ففيه ما لا يخفى، مع أنه (قدس سره) في فروع بيع الصرف وأحكام القبض ملتزم بذلك.
وكيف كان، فما أفاده العلامة غير قابل للمناقشة وإن قلنا بتعلق الخيار بالعقد، لأن عدم وجوب التسليم على ذي الخيار ليس لتعلق حقه بالعين كتعلق حق المرتهن بالعين المرهونة حتى يكون قابلا للمنع، بل لما عرفت من أنه لو لم يجب الوفاء بالعقد عليه لا يجب عليه الوفاء بما التزم به في ضمنه، فيجوز له حبس العين وإن جاز للآخر أيضا حبس ما انتقل عنه ولو لم يكن له الخيار، لأن التزامه بالتسليم كان منوطا بتسليم صاحبه.
نعم يصح المناقشة فيما أفاده في قوله " ولم يتبرع أحدهما بالتسليم لم يبطل خياره ولا يجبر الآخر على تسليم ما عنده " فإن المتبرع لو كان من عليه الخيار فلمنع ذي الخيار عن التسليم وجه وهو كونه ذا خيار، وأما لو تبرع ذو الخيار فلا وجه لمنع الآخر عن التسليم مع كونه ملتزما به.