قد يتخيل أن النزاع لا وجه له، لأنه ليس خيار الحيوان إلا خيار المجلس - الذي هو في غير الحيوان إلى التفرق وفيه إلى ثلاثة أيام - فيكون مبدؤه من حين العقد.
وفيه إنا لو اخترنا ما عليه السيد المرتضى من ثبوت خيار الحيوان للبائع والمشتري، لكان لهذا الكلام وجه.
وأما لو قلنا بعدم ثبوته للمنتقل عنه فلا شبهة في أن خيار الحيوان مغاير لخيار المجلس موضوعا ومحمولا، فإن خيار المجلس ثابت لكليهما ما دام المجلس باقيا سواء طال أم قصر، وخيار الحيوان يختص بمن أنتقل إليه في ثلاثة أيام فأين هذا من ذاك.
ثم إنه استدل على أن مبدءه بعد التفرق بأمور:
الأول: الاستصحاب ويمكن تقريبه بوجهين:
الأول: أصالة عدم ارتفاعه بانقضاء ثلاثة أيام من حين العقد، أي بعد مضي ثلاثة أيام من حين العقد يستصحب بقاء خيار الحيوان بمقدار زمان المجلس.
والثاني: أصالة عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس.
والأول لا إشكال فيه لو آل الأمر إلى الأصول ولم يستظهر الحكم من الأدلة، لأن أثره تأثير الفسخ، فإنه من الآثار الشرعية المترتبة على نفس بقاء الخيار من دون واسطة.
والثاني مثبت، لأن نفس عدم حدوثه لا أثر له، ولا يثبت به أن مبدءه بعد التفرق.
ولا يقال: إن من آثار عدم حدوثه عدم تأثير إسقاطه. لأنا نقول: عدم تأثير إسقاطه لم يرتب على عدم حدوثه، بل من باب أن إسقاطه إسقاط لما لم يجب، إلا أن يقال إن كونه إسقاطا لما لم يجب مترتب على أمرين:
أحدهما: محرز بالوجدان وهو نفس الاسقاط.
وثانيهما: بالتعبد وهو عدم حدوث الخيار، فلا محذور في استصحاب عدم الحدوث.