وكيف كان، النفي باعتبار الأثر أيضا من مراتب النفي في عالم التشريع، كما أوضحنا ذلك في حديث الرفع وقلنا: إنه بجامع واحد يتعلق بما لا يعلمون وبالخطأ والنسيان، وكذلك فيما لا يعلمون يشمل بجامع واحد الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية، وكذلك في قوله (عليه السلام) " كل شئ حلال حتى تعلم أنه حرام " يشمل الحلية بجامع واحد مشتبه الحكم ومشتبه الموضوع. وذكرنا أن ما أفاده المحقق القمي:
من أن إرادة الأمرين منه استعمال للفظ واحد في أكثر من معنى غير صحيح، لأن الأمرين كل منهما من مصداقه. وقلنا في باب الاستصحاب أيضا إن قوله (عليه السلام) " لا تنقض اليقين بالشك " يشمل بجامع واحد الشبهة الحكمية والموضوعية، فإشكال استعمال اللفظ فيما أريد رفع الحكم والموضوع في أكثر من معنى واحد في استعمال واحد غير وارد. والتوقف إلى الإضمار أو التجوز فيما لو تعلق الرفع أو النفي بموضوع ذي حكم غير صحيح، بل يصح تعلقهما بالموضوع بلا إشكال.
ولكنه مع ذلك لو دار الأمر بين تعلقهما بالحكم وبموضوع ذي أثر فتعلقهما بالموضوع في طول تعلقهما بالحكم.
وبالجملة: وإن صح تعلق النفي في مثل " لا ضرر " بالموضوع، لأن النفي بلحاظ الأثر أيضا نفي تشريعي حقيقي، ولكنه لا تصل النوبة إليه إلا بعد تعذر تعلق النفي في مثل " لا ضرر " بالموضوع، لأن النفي بلحاظ الأثر أيضا نفي تشريعي حقيقي ولكنه لا تصل النوبة إليه إلا بعد تعذر تعلق النفي بما هو مجعول بنفسه.
وأما لو أمكن ذلك فهو مقدم على النفي بلحاظ الأثر.
وضابطه: أن يكون نفس هذا النفي صالحا لأن تناله يد الجعل، إما باعتبار المنفي كما لو قيل لا وجوب ولا لزوم ونحوهما، وإما من حيث نفس النفي كما لو قيل لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ولا بيع إلا في ملك ونحوهما.
وعلى هذا، فلا فرق بين أن يكون المنفي من الأحكام الشرعية الوضعية أو التكليفية، ولا بين أن يرد النفي على الماهيات المخترعة كالصلاة والصوم وأن يرد على الأمور الإمضائية كالبيع والرهن، ولا بين أن يرد على العنوان الأولي