كالأمثلة المتقدمة أو يرد على العنوان الثانوي أي المسبب التوليدي كالضرر والحرج ونحوهما، ولا فرق أيضا بين أن يكون النفي نفيا بسيطا - أي كان النفي واردا لسلب ذات الشئ - وأن يكون نفيا تركيبيا أي واردا لسلب شئ عن شئ.
وتوضيح ذلك: أنه قد تقدم منا مرارا أن الأحكام الشرعية من الأمور الاعتبارية النفس الأمرية ووجودها التكويني عين تشريعها، فإذا كانت كذلك فإثباتها أو نفيها راجعة إلى إفاضة حقيقتها وإيجاد هويتها أو إعدامها عن قابلية التحقق، فعلى هذا يكون نفيها من السلب البسيط. وقوله (صلى الله عليه وآله) " لا ضرر ولا ضرار " أيضا من هذا القبيل كما سيجئ توضيحه.
وأما الماهيات الاختراعية أو الأمور الدائرة بين العقلاء المتعلق بها الإمضاء فحيث إن قابليتها للجعل اختراعا وتأسيسا أو إمضاء وتقريرا عبارة عن تركيب أنفسها أو محصلاتها دون إفاضة هوياتها وإيجاد حقائقها، فلا محيص من أن يكون النفي الوارد عليها من السلب التركيبي، ولا جرم يكون المجعول فيها نفس النفي دون المنفي.
وبالجملة: الأحكام الشرعية سواء كانت تكليفية أو وضعية كالوجوب واللزوم فنفيها نفي بسيط، وما تناله يد الجعل هو المنفي، فإنها بشراشر هويتها مما تناله يد الجعل. وأما متعلقات التكليف كالصلاة والصيام ونحوهما والمعاملات من العقود والإيقاعات فنفيها نفي تركيبي، وما تناله يد الجعل هو نفيها دون أنفسها، لأنها من الأمور الخارجية. والشارع إما يجعل التركيب بينها كالماهيات المخترعة وإما يمضيها كباب العقود والإيقاعات.
ثم إن السلب التركيبي على قسمين:
قسم ينفى فيه هذه الماهيات عن شئ كقوله: لا صلاة إلا بطهور، ولا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل، ولا عتق إلا في ملك، ولا رهن إلا مقبوضا، ولا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، ونحو ذلك.
وقسم عكس ذلك وهو أن ينفى فيه شئ عن هذه الماهيات، كما في مثل