استعمال اسم الفاعل من باب المفاعلة هو أن يكون صدور المبدأ نعتا للفاعل كما يقال: زيد محارب أو مماطل أو مقاتل، قال الله سبحانه * (وفضل الله المجاهدين على القاعدين) * (1) وقال سبحانه * (ومن يخرج من بيته مهاجرا) * (2) وقال عز اسمه * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) * (3).
والجملة: يحتمل قريبا أن يكون لا ضرار لبيان نفي تعمد الضرر والإصرار عليه، ويؤيد ذلك ما رواه هارون بن حمزة الغنوي " عن أبي عبد الله (عليه السلام) في بعير مريض اشتراه رجل بعشرة دراهم وشاركه الآخر بدرهمين بالرأس والجلد، فقضى إن برأ البعير وبلغ ثمنه دنانير، فقال (عليه السلام): لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ، فإن قال أريد الرأس والجلد فليس له ذلك، هذا الضرار... إلى آخره (4).
فإن ظاهر هذه الرواية أنه استعمل الضرار في التعمد على الضرر والقصد إليه، كما في قضية سمرة. فحاصل الفرق بين الضرر والضرار أنه لو كان حكم أو فعل يلزم منه الضرر من دون تعمد وإصرار عليه فهو الضرر، وأما إن كان عن قصد إلى ورود الضرر وتعمد عليه فهو الضرار.
وكيف كان، فليس اختلاف معناهما أو كون الثاني تأكيدا للأول مما يهم الفقيه كثيرا وإنما المهم البحث عن مفاد الجملة التركيبية، فالأولى صرف العنان إليه، فنقول: قد ذكروا فيه وجوها، وقال بكل قائل:
الأول: إبقاء النفي على حقيقته وكون المنفي هو الحكم الضرري، ومرجعه إلى نفي الحكم الذي يوجب ثبوته ضررا على العباد، سواء كان الضرر ناشئا من نفس الحكم كما في لزوم العقد وسائر الأحكام الوضعية، أو باعتبار متعلقه كالوضوء