وهذه الإشكالات مندفعة بما ذكرنا: من أنه على فرض ورود " لا ضرر " و " لا ضرار " في ذيل حديثي الشفعة ومنع فضل الماء لا محيص عن كون نفي الضرر حكمة للتشريع لا علة للحكم، ولا يلزم محذور ولا توهم إشكال إلا أمران:
الأول: أنه كيف يكون عنوان واحد تارة علة للتشريع وأخرى بنفسه من المجعولات الشرعية مع ما بينها من التباين والتنافر على ما بينا في مبحث العام والخاص، وإجماله أن علة التشريع ما لا يمكن للمكلف إحرازه وتمييز المورد المشتمل على العلة عما لا يشتمل عليها، ولذا لا يمكن جعله حكما تكليفيا ملقى إلى المكلف، وهذا بخلاف المجعول الشرعي، فإنه هو الذي يلقى إلى المكلف ويكلف بفعله أو تركه، لكونه مقدورا له إما ابتداء أو بالواسطة ويميز مورد تحققه عن غيره.
والثاني: أنه لو دار أمر الشئ بين كونه علة للتشريع وكونه مجعولا شرعيا فالأصل هو الثاني، فكيف يترك هذا الأصل في المقام ويحكم بكون لا ضرر علة للتشريع في باب الشفعة ومنع فضل الماء.
ولكنك خبير باندفاعهما:
أما الأول: فلأن العنوان الواحد لو كان من العناوين الأولية وكان بالنسبة إلى مصاديقه متواطيا لما صح إرادة علة التشريع منه تارة ومجعولا شرعيا أخرى.
وأما لو كان من العناوين الثانوية وكان مشككا بالنسبة إلى مراتبه والمصاديق المندرجة تحته - بأن يكون مسببا توليديا ومقدورا بالواسطة تارة وأثرا إعداديا أخرى - فلا مانع من أن يجعل مجعولا شرعيا في مورد وحكمة للتشريع في مورد آخر. ومجرد اتحاد اللفظ لا يمنع عن وروده بكلا اللحاظين، لأنه في أحد الموردين يجعل حكما شرعيا وملقى إلى المكلف ويطلب منه فعله أو تركه لكونه مقدورا له ولو بواسطة أسبابه ومقدماته كما يؤمر بالتطهير والتبريد ونحوهما، وفي المورد الآخر يجعل حكمة للتشريع كما في سائر موارد حكم التشريع وعلله.
وضابطه أن يكون هو بالنسبة إلى الأثر المرغوب من المعد دون الجزء الأخير من