وحاصل الكلام: أن نفي الحكم بلسان نفي الموضوع يصح في النفي البسيط بقيود ثلاثة: وهي كونه ذا حكم، واختياري، وحكم جوازي.
وأما إذا كان النفي نفيا تركيبيا فالنفي فيه تخصيص بلسان الحكومة.
وبعبارة أخرى: النفي فيه تحديد لما أخذ موضوعا لذلك الحكم المنفي بما عدا مورد النفي، فمثل قوله (عليه السلام) " لا شك لكثير الشك " يدل على اختصاص البناء على الأكثر لغير كثير الشك، وهكذا في نظير ذلك. وهذا عين معنى الحكومة فمثل قوله (صلى الله عليه وآله) " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ورد تحديدا لما ورد من الأمر بإطاعة الوالدين أو الزوج أو المولى، ولا وجه لحمل النفي في هذا المثال ونظيره على النهي، فإنه مضافا إلى كونه خلاف ظاهر النفي ولا تصل النوبة إلى حمله على النهي إلا بعد تعذر حمله على النفي التشريعي يمتنع إرادة النهي في المقام، إذ لا معنى لتحريم معصية الخالق، فإنه من تحصيل الحاصل.
نعم، لو ضاق الخناق في مورد فلا بد من حمله على الإرشاد إلى ما يستقل به العقل من قبح معصية الله سبحانه، كحمل الأوامر الواردة في قوله عز من قائل * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (1) على الإرشاد.
الثاني: أن الكلام المشتمل على النسبة التامة منه ما يتمحض للإنشائية كالأمر والنهي، ومنه ما يتمحض للحكاية كالجمل الاسمية التي موضوعها من الجوامد الغير المصدرة ب " لا " و " ليس " و " الإشارة " و " الضمير " مع كون محمولها من غير عنوان الإيقاعات كالطلاق والعتق ونحوهما كزيد قائم وعمرو ضارب ونحو ذلك، ومنه ما يشترك بين الأمرين كالجمل الفعلية الماضوية والمضارعية والاسمية المصدرة ب " لا " و " ليس " و " رفع " ونحو ذلك والاسمية التي محمولها من الإيقاعات مثل " هند طالق " وزيد حر.
ثم إنه لا إشكال أن الإنشاء والإخبار من المداليل السياقية لا مما وضع له