أما على الأولين فواضح، لأنه لو لم يرد قوله (صلى الله عليه وآله) " لا ضرر ولا ضرار " في ذيل حديثي الشفعة ومنع فاضل الماء بل ورد حكما مستقلا لا يكاد يستفاد منه حكم الشفعة وفاضل الماء، لأنه لا مناسبة بينهما. مع أنهما لو كانا محكومين بهذا الحكم لكان اللازم استفادة حكمهما من مجرد قوله (صلى الله عليه وآله) " لا ضرر " كاستفادة وجوب إكرام " زيد العالم " من أكرم العلماء، وحرمة " شرب الخمر " من لا تشرب المسكر، واستفادة حرمة " نقض اليقين بالطهارة " من قوله: لا تنقض اليقين بالشك.
وهذا الإشكال وإن كان في الحقيقة إشكالا في الموضوع، ولكنه على فرض صدق الضرر على الموردين أيضا نقول: لا يمكن استفادة هذين الحكمين من نفس لا ضرر على فرض عدم تصريحه (صلى الله عليه وآله) بثبوت حق الشفعة وكراهة منع فضل الماء، لعدم مناسبة بين حرمة الإضرار أو وجوب تدارك الضرر وثبوت حق الشفعة وكراهة منع فضل الماء وإن سلمنا السببية التامة بين بيع الشريك ومنع فضل الماء ولزوم الضرر على الشريك الآخر والماشية.
وأما على الأخيرين اللذين مرجعهما إلى حكومة لا ضرر على الأحكام المجعولة فلعدم المناسبة أيضا بين الحكومة وهذين الحكمين، لأن مقتضى الحكومة في الأول فساد البيع وخروج فاضل الماء عن تحت استيلاء مالكه، لا ثبوت خيار الشفعة للشريك الذي مرجعه إلى إمضاء الضرر الوارد من بيع الشريك مع تداركه بالخيار الذي قد يتدارك به الضرر وقد لا يتدارك كما عند إعسار من له الأخذ بالشفعة.
وفي الثاني الحكم بكراهة منع فضل الماء ومرجوحية الإضرار على الماشية الذي مرجعه أيضا إلى إمضاء الضرر من دون تدارك.
وبالجملة: على فرض اقتران الحديثين الشريفين عند صدورهما عنه (صلى الله عليه وآله) بهذا الذيل فلا بد من حمله على حكمة التشريع، ولا يصح جعله كبرى كلية لمورده، فينحصر مدرك القاعدة على هذا بما هو المستفيض صدوره كبرى كلية منه (صلى الله عليه وآله) في قصة سمرة بن جندب، فإن هذه القضية هي التي تسلم عن جميع