العلة التامة، بل يكون الجزء الأخير من العلة أمرا غير اختياري يكون هو الواسطة بين الأمر الاختياري والأثر المترتب على مجموع الأجزاء.
ثم إنه لو جعل الضرر حكمة للتشريع أمكن اختلاف الحكم الذي شرع لعدم ورود الضرر أحيانا، فقد يكون حكما وضعيا كما في الشفعة، وقد يكون تكليفا غير إلزامي وعلى جهة الرجحان والفضل، كما في النهي عن منع فضل الماء.
وعلى هذا فلا يلزم استعمال " لا ضرر " في القدر المشترك بين الحكم الوضعي وغيره نظير الطلب المشترك بين اللزوم وغيره، ولا في القدر المشترك بين كونه مجعولا شرعيا بنفسه وحكمة للتشريع، بل استعمل في كل مورد بمعنى يباين ما استعمل في مورد آخر، ولا محذور فيه، لما ظهر أن مجرد اتحاد التعبير ليس مانعا عن استعماله في المعاني المتباينة، كما هو الشأن في كل مشكك.
وأما الثاني: فلأن الأصل فيما ورد من الشارع وإن كان يقتضي أن يكون هو الحكم المجعول لا الحكمة وبيان الخواص والغايات المترتبة على الأفعال، لأن وظيفة الشارع هي التشريع، إلا أن مستند هذا الأصل هو الظهور السياقي وهو يرتفع بأدنى ظهور على خلافه، ولا سيما في مثل المقام الذي يمتنع جعله حكما شرعيا في الموردين ثبوتا وإثباتا.
أما ثبوتا فلما هو المشاهد بالعيان أن بيع الشريك ليس علة لترتب الضرر على شريكه ولا منع فضل الماء علة لترتب الضرر على الماشية، بل غاية ما هما عليه أن يكونا من المقدمات الإعدادية للضرر نظير ما ذكرنا من أن استخراج الحديد من المعدن من المقدمات الإعدادية للقتل، فإذا كانا من المعدات فلا يمكن جعل الضرر المترتب عليهما أحيانا من الحكم المجعول بحيث يرد النهي عليه، بل لا محيص عن جعل عدم ترتبه من علل تشريع الشفعة وكراهة منع فضل الماء.
وأما إثباتا فلأن ضابط كون العنوان مجعولا شرعيا وكونه بمنزلة الكبرى لمورده لا حكمة للتشريع أن يكون المورد مندرجا فيه موضوعا وحكما.
أما موضوعا فبأن يكون مصداقا خارجيا له وفردا تكوينيا منه كقوله