فما أفاده (قدس سره) في غاية المتانة إلا أنه لم يؤد ما هو حق المسألة من التوضيح والتفصيل، بل اكتفى بمجرد عنوان البحث ونقل الأقوال ووجوه الاحتمال من غير تعرض لمداركها، فينبغي تداركه تتميما لمرامه وتوضيحا لكلامه رفع مقامه.
فنقول: إن التصرفات الناقلة تارة تنافي مع نفس الاشتراط، مثل أن يشترط عليه أن لا يبيعه من زيد فباعه منه، أو أن يبيعه من عمرو فباعه من غيره ونحو ذلك.
وأخرى لا منافاة لها مع ما اشترط عليه، مثل أن يشترط عليه عملا فتعذر على المشروط عليه بعد ما خرج العين عن ملكه بأحد أسبابه الموجبة لذلك.
أما الثاني فالحكم فيه كما أفاده (قدس سره) من عدم منع التصرف عن الفسخ والرجوع إلى المثل أو القيمة أو فسخ العقود المترتبة من حينه أو من أصله واسترجاع العين بنفسها على الخلاف المتقدم في أحكام الخيار.
وقد عرفت أن الشرط بنفسه موجب لثبوت حق للمشروط له على ذمة الشارط، فلا يقال: إن الخيار إنما يحدث بعد التعذر فالتصرف إنما وقع في حال ملكية العين طلقا للمشروط عليه فلا موجب للانفساخ، لما عرفت أن مبدأ الخيار - وهو الشرط - موجود في حال العقد فيكون حاله كالخيار المتصل في تزلزل العقد وعدم استقراره، إما لتعلق حق للمشروط له في العين أو في العقد على الخلاف المتقدم.
وكيف كان، فلا إشكال في هذا القسم. وإنما الكلام في القسم الأول - وهو أن يكون التصرف بنفسه منافيا للشرط كما مثلناه - وقد ذكر فيه وجوه ثلاثة: من القول بالصحة مطلقا، أو الفساد كذلك، أو التوقف على إجازة من له الشرط. فلو أجاز ينفذ التصرف ويسقط خياره، لأن إجازته مساوقة لإسقاطه كما قلنا في محله. ولو لم يجز فينفسخ العقود المترتبة ولا خيار له أيضا، لعدم تعذر الشرط بل يجبره على الوفاء به حسب ما له من الحق الثابت بالاشتراط. فانحصر الخيار بالتعذر في الوجه الأول وهو نفوذ التصرفات مطلقا من غير توقف على إجازته