ونقل عن الشيخ في مبسوطه أيضا وغيرهما: أن المراد إناطة الحكم الشرعي وهو وجوب الوفاء بالعقد بوجود الشرط بعد تسليم أنه بحسب التزامه بالعقد غير منوط بشئ وغير معلق على تقدير دون تقدير ولكن لا شبهة أنه لم يلتزم بالفاقد فلا يعمه دليل وجوب الوفاء بالعقود فيقع جائزا، لعدم الدليل على اللزوم.
وفيه أن المشروط له وإن لم يلتزم بالفاقد إلا أن المشروط عليه التزام بإعطاء الشرط وصفا كان أو فعلا فيجب عليه الوفاء على حسب التزامه، بأن يؤدي الشرط إلى من له الشرط أداء الحق إلى صاحبه، فمع امتناعه يجبر عليه كما في سائر الحقوق والأموال.
وثانيا أن عدم التزام صاحب الشرط بالفاقد وإن صح إلا أن فيه مغالطة، إذ ليس معناه عدم وجوب وفائه بالعقد، بل معناه الأخذ بالشرط والوفاء بالعقد، بمعنى أنه إما أن يتجاوز عن حقه أو يطالبه، ومع امتناعه يجبره عليه نظير ما يقال في الشك في الأقل والأكثر إن الأقل على تقدير وجوب الأكثر ليس بواجب، فإن معناه وجوب الإتيان به وبالأكثر لا سقوط التكليف عنه، فتدبر.
وكيف كان، فما يظهر من هؤلاء الأجلة من عدم جواز الإجبار على الشرط - مع تصريحهم بأنه كالجزء من العوضين بل إن له قسطا من الثمن وثبوت الخيار بمجرد التخلف - لا وجه له.
وأضعف من ذلك تفصيلهم في مسألة اشتراط العتق بأنه إن قلنا: إنه حق لله تعالى يجبر عليه لو امتنع، وإن قلنا: إنه حق للبائع لم يجبر، إذ لا معنى لكونه حقا له تبارك وتعالى إلا اعتبار قصد التقرب فيه، ولازمه التعدي إلى كل ما يكون كذلك - كاشتراط الوقف، أو الصدقة، أو بناء قنطرة وغيرها من الوجوه البرية - فلا وجه للاختصاص بالعتق. ولا يقاس بمنذور الصدقة وغيره، لبداهة الفرق بينهما، فإن طرف الالتزام هنا هو الله تعالى دون المشروط له كما لا يخفى.
وكيف كان، فقد ظهر من مجموع ما ذكرنا: أن بالشرط يثبت حق مالكي للمشروط له على الشارط الموجب لاشتغال ذمته به كما في سائر الحقوق، ويسقط بالإسقاط كما اتفقوا عليه وتسالمهم ظاهرا في غير اشتراط العتق.