وهذا بخلاف الإجارة على الأعمال، فإن مال المستأجر هنا يقع عليه يد المؤجر، ولا استحقاق له على وضع اليد عليه، لجواز استيفاء العمل مع كون العين في يد مالكها، أو بذل المالك للأجرة بلا استيفاء العمل، فلا يكون يد المؤجر عليها بحق يلزمه العقد بوجه. فلا بأس باشتراط كونها مضمونا عليه، لعدم منافاته لمقتضى العقد، بل هو لا اقتضاء بالنسبة إليه، كما في العارية على ما سنشير إليها إجمالا، ولا يكون مخالفا للمشروع أيضا كما هو واضح.
وحينئذ فالتحقيق هو التفصيل بين الإجارة على الأعيان والأموال لما ذكرنا من أن الفرق الواضح بينهما. وعلى هذا فما ورد في بعض الأخبار من جواز شرط الضمان على مثل الملاح والمكاري والجمال خال عن الإشكال، وعلى مقتضى القاعدة، فإنه في إجارة السفينة من الملاح لحمل الطعام واشتراط أنه لو نقص كان عليه فقال (عليه السلام) جائز (1) إلى آخره فيكون من باب الإجارة على العمل، فراجع وتأمل ولا تغفل.
وكيف كان، فقد ظهر أن وجه عدم الضمان في الإجارة إنما هو استحقاق المستأجر لوضع اليد على العين الناشئ من قبل نفس العقد مطابقة أو التزاما بأحد الوجهين، وإذا كان يده بحق مالكي - أي يملكه بالعقد - لا مجرد كونه برضا المالك وتسليطه عليه فاشتراط كون اليد يد ضمان خلاف للمشروع، إذ الذي هو محل الكلام هو هذا لا مجرد أنه لو تلف العين يتداركه المستأجر من ماله، فإنه ربما يكون نافذا جائزا، فتأمل جيدا.
ومن هذا القبيل يد المرتهن على العين المرهونة، فإنه أيضا بحق مالكي ناش من قبل العقد، فإن كون العين وثيقة عنده - بحيث كان له استيفاء ماله عنها في محله - لا يكاد ينفك عن وضع اليد على العين وكونها تحت سلطنته - فاشتراط الضمان فيه أيضا مناف لمقتضى العقد بالمعنى الذي ذكرناه.