الشك في الحلية والحرمة لا يمكن إثبات الاستمرار الذي هو تابع لإحراز الموضوع، ولا يعقل أن يكون عموم الحكم محرزا لموضوعه. ففي المقام مرجع الأمر إلى استصحاب حكم المخصص لا إلى عموم العام، بل لو لم يجر الاستصحاب لم يمكن الرجوع إلى العام.
فتلخص مما ذكرنا أنه لو كان الزمان ظرفا للمتعلق - أي أخذ كل آن من آنات الشرب موضوعا وتعلق الحكم بجميعها - فإذا شك في أصل التخصيص أو في مقدار المخصص فالمرجع هو عموم العام، لأنه لا فرق في صحة التمسك بالعموم بين الأفراد العرضية للشرب وأفراده الطولية. غاية الفرق بينهما أن أفراده العرضية بنفس تعلق النهي بالطبيعة يندرج كل فرد تحتها ولذا يقال: إن ترك الطبيعة بترك جميع الأفراد، وأما الأفراد الطولية فلا بد من لحاظها على حدة غير تعلق الحكم بالطبيعة، لأن ترك الطبيعة بنفسه لا يدل على تركها في جميع الأزمان. ولكنها إذا لوحظت وتعلق الحكم بالطبيعة بهذا اللحاظ فلا يتوقف على عناية زائدة، لأن طواري المتعلق يمكن لحاظها إطلاقا أو تقييدا في مرتبة الجعل، لأن طواريه كطواري الموضوع تكون في المرتبة السابقة على الحكم.
وأما لو كان الزمان ظرفا للحكم فبنفس تشريع الحكم لا يمكن لحاظ بقائه في كل آن، بل لا بد من تشريعه أولا ثم لحاظه، كذلك لأن بقاء الحكم كالعلم والجهل به من الطواري المتأخرة عن رتبة الجعل. فلا بد من ثبوت الموضوع أولا ثم الحكم ببقائه. وإذا جعل الزمان ظرفا له بجعل آخر فلو شك في أصل تخصيصه أو في مقدار المخصص فالمرجع ليس عموم العام، بل استصحاب حكم العام إذا شك في أصل التخصيص، واستصحاب حكم المخصص إذا شك في مقدار المخصص.
فتبين مما ذكرنا أن مورد الرجوع إلى العام غير مورد الرجوع إلى الاستصحاب.
ولم يفرض المصنف (قدس سره) ظرفية الزمان في مورد واحد على قسمين حتى يورد عليه ما أورد، وتمام الخلط نشأ من هذا التوهم. وبعد وضوح المقصود فلو كان التعبير منه (قدس سره) قاصرا وموهما فالإيراد على التعبير لا وقع له.