أصل السفر، فإنه بنظر العرف مختلف ولكن حدده الشارع بثمانية فراسخ، وهكذا الكثرة في الماء الذي لا يستقذر حددها الشارع بمقدار خاص. فلا يقال: إن المقيم لو كان حاضرا موضوعا لكان اللازم عدم الفرق بين عشرة أيام وعشرة أيام إلا ساعة، لأن العرف وإن لم يفرق بينهما إلا أن بعد تحديد الشارع هذا الموضوع العرفي لا يبقى مجال لسؤال الفرق. فإذا كان المقيم غير مسافر موضوعا فيجب على المقيم الخارج عن محل الترخص العازم على العود أو المتردد في السفر التمام، وذلك لأنه يستفاد من الأدلة على أن كل مكلف يجب عليه التمام خرج عنها المسافر. فإذا شك في أن الخارج عن محل الإقامة العازم على العود حكمه حكم حال الإقامة أو حكمه حكم حال السير فمقتضى العموم هو وجوب التمام عليه، سواء كان الزمان في باب السفر مأخوذا في المتعلق، أو في الحكم، لأنه على أي حال خارج عن كونه مسافرا.
وأما لو قيل بأن المقيم مسافر ولكنه خارج عنه حكما كالعاصي بسفره فإنه لا إشكال في كونه مسافرا يجب عليه التمام فتظهر الثمرة بين جعل الزمان ظرفا للحكم أو للمتعلق، لأنه لو كان وجوب القصر على المسافر مستمرا فلو رجع العاصي بسفره عن عزمه ولم ينشئ بعد الرجوع سفرا جديدا - أي بمقدار المسافة - وهكذا لو خرج المقيم من دون عزم على السفر الجديد فالمرجع هو استصحاب حكم المخصص، ولو كان الزمان ظرفا للمتعلق بأن كان مفاد الدليل على أن لكل مسافر القصر فخروج بعض أفراد الصلاة لا يمنع عن الرجوع إلى العام في البعض الآخر المشكوك فيجب عليه القصر بعد الخروج، أو بعد الرجوع عن المعصية.
فتلخص مما ذكرنا أن الزمان في الوضعيات بأسرها مأخوذ في الحكم.
وأما التكليفيات وجوبية كانت أو تحريمية والوجوبية جوانحية كانت أو جوارحية فيمكن بحسب الثبوت أن يكون الزمان ظرفا للمتعلق، وأن يكون ظرفا للحكم. وإذا لم يصرح في اللفظ بكونه ظرفا للمتعلق وعلم بأن ثبوت التكليف في الجملة لغو فلا محالة يقع الزمان ظرفا للحكم، ولازمه أن لا يكون المرجع عموم العام، بل إما استصحاب حكم العام، أو استصحاب حكم المخصص.