فتلخص مما ذكرنا أنه لو شك في كون الخيار على الفور أو التراخي ليس المرجع عموم أوفوا بالعقود، بل لا بد أن يرجع إلى استصحاب حكم المخصص.
إن قلت: يمكن أن يكون المرجع عموم العام بتقريب آخر وهو أنه لا شبهة أن " أوفوا بالعقود " وضعية كانت أو تكليفية حكم على من أنشأ الالتزام العقدي، والمنشئ ينشئ الملكية الدائمة لا الموقتة، فإذا كان وجوب الوفاء بالملكية الدائمة لازما فيرجع في غير القدر المتيقن من زمان ثبوت الخيار - وهو الفور - إلى وجوب الوفاء بالمنشأ.
قلت فيه أولا: إن الدوام والتوقيت ليسا من منشئات المتعاقدين، بل إنما هما من الأحكام الشرعية، وليس المنشأ بقوله: " بعت " البيع من زمان الإنشاء إلى آخر الدهر.
وبعبارة أخرى: اللزوم والجواز أو التأبيد والتوقيت في البيع من الأحكام الشرعية، لا من منوعات البيع، ولا يختلف حقيقته باختلاف أحكامه. وهكذا في النكاح على المشهور، فإن حقيقة الانقطاع والدوام واحدة، ولذا لو نسي ذكر الأجل يقع دائما بمقتضى القاعدة، لأن الدوام لا يحتاج إلى إشارة إليه في العقد، بل عدم ذكر المدة مع إنشاء علقة الزوجية يقتضي الدوام.
نعم، لو كان الدوام والانقطاع حقيقتين مختلفتين فنسيان الأجل يقتضي بطلان النكاح رأسا، لأن ما قصد لم يقع.
وثانيا: أن الدوام وإن كان من منشئات المتعاقدين إلا أنه يجب الوفاء به إذا دل عليه لفظ - أي إذا أنشأ بما هو آلة لإيجاده - ومجرد قصد العاقد الدوام مع عدم إيجاده بآلة من قول أو فعل لا اعتبار به في العقود، لأنه يكون كالشروط البنائية التي لم تذكر في العقود لا صريحا ولا إشارة.
قوله (قدس سره): (وأما استناد القول بالتراخي إلى الاستصحاب فهو حسن على ما اشتهر من المسامحة.... إلى آخره).
قد ذكرنا في أول العنوان أن المصنف (قدس سره) ناقش في أدلة الفور والتراخي