وأما الثاني فيقع الكلام فيه أيضا في فرعين:
الأول: الظاهر أن قبض بعض الثمن هنا أيضا كلا قبض فلا يضر بالخيار كما هو ظاهر الأخبار لصدق أنه ما قبض الثمن. ودعوى انصرافها إلى صورة عدم قبض شئ منه في غاية المنع، كما يشهد عليه فهم أبي بكر بن عياش في رواية ابن الحجاج المتقدمة، وإقناع المتنازعين بما حكي عن الإمام، مع أن الظاهر المحكي عنه (عليه السلام) عدم قبض تمام الثمن. فاستدلال التذكرة بالرواية في محله وإن نظر فيه شيخنا العلامة، ولكن لم يعلم وجه النظر. فتدبر.
الثاني: لو قبض الثمن بدون إذن المشتري، فهل هو كعدمه - لظهور الأخبار وانصرافها إلى القبض الصحيح الأعم من أن يكون بإذن المشتري أو قبضه بحق كما إذا كان بعد تمكين المبيع للمشتري وعدم قبضه الموجب لسقوط ضمانه للمبيع وجواز التصرف في الثمن بأي وجه - أو أنه في حكم القبض موجب لسقوط الخيار نظرا إلى إطلاق بعض الأخبار وظاهر عنوانهم للمسألة من اشتراط عدم إقباض المبيع وعدم قبض الثمن الظاهر في معناه الأعم وبه يفرق بين الثمن والمثمن؟ وجهان، أقواهما الأول، لما عرفت من أن الظاهر المتبادر من إطلاق القبض ما هو المتعارف المتداول في المعاملات من وقوعه مع الإذن. والتعبير في العنوان بالإقباض في طرف المبيع والقبض في طرف الثمن إنما هو لاختصاص المسألة بالبائع وثبوت الخيار له، لا لأجل الاكتفاء بقبض الثمن كيف ما اتفق وهذا واضح لا يكاد ينكر، وإلا فما ذكر لا اختصاص له بظاهر العناوين، بل هو الظاهر من رواية علي بن يقطين أيضا.
ولكن مع ذلك كله لا دلالة لها على الاكتفاء بالقبض مطلقا لما عرفت من انصرافه في النصوص والفتاوى إلى القبض الصحيح المتعارف في المعاملة.
نعم، يمكن المناقشة في ثبوت الخيار حينئذ من جهة أخرى، وهي أن قبض الثمن عدوانا كأنه ارتضاء للبيع فيكون مسقطا للخيار من تلك الجهة، ولعله الوجه لما في عناوين المسألة من التعبير بإقباض المبيع وقبض الثمن.