ولكن أورد عليه شراح هذه العبارة وقالوا بعدم الفرق بين الصورتين وأن يد كل منهما يد ضمان، ومجرد كون الفسخ ناشئا من قبل من له الخيار لا يوجب أن يكون يد من عليه الخيار يد أمانة. فإذا لم يكن فرق بين الصور أصلا فنقول في محل البحث - وهو التلف قبل الفسخ - إن التلف إما أن يكون بآفة سماوية أو بالإتلاف، والمتلف إما من كان المال بيده أو طرفه أو الأجنبي. فإذا كان التلف بآفة أو بإتلاف من كان المال بيده فبالفسخ ينحل العقد ويرجع كل من المالين إلى صاحبه، فلو كان الثمن موجودا عند البائع الغابن وتلف المبيع عند المشتري المغبون بآفة أو بإتلافه يرجع المغبون إلى عين ثمنه، ويضمن قيمة التالف للبائع.
ثم إن المدار في القيمة هل على قيمة يوم التلف أو يوم الفسخ أو يوم الأداء أو أعلى القيم؟ وجوه، والأقوى هو الثالث، لأن منشأ القول بأعلى القيم في غير المورد، هو أن تفاوت القيمة السوقية كتلف الأوصاف مضمون على القابض. وفي المقام نفس الأوصاف الحاصلة بين القبض والفسخ ليس ضمانها على الفاسخ فضلا عن ارتفاع القيمة، فإن سمن الدابة المهزولة حين العقد غير مضمون على الفاسخ، فإن ما اخترناه من ضمان الأوصاف هو الأوصاف الموجودة حال العقد التالفة حين الفسخ، لا كل صفة تالفة ولو لم تكن موجودة حال العقد، فيدور الأمر بين الأقوال الثلاثة. والقول بيوم القبض في غير هذا المورد ينطبق على القول بيوم الفسخ في المقام، لأنه يوم يصير المال في عهدة من كان مالكا له قبل الفسخ، وحيث قلنا - في باب الغصب والعقد الفاسد - إن صحيحة أبي ولاد لا تدل على اعتبار يوم الغصب ولا تقتضي القواعد العامة أيضا الانتقال إلى القيمة يوم الغصب فالقول بيوم الفسخ لا وجه له، لأنه وإن كان يوم رد كل مال إلى صاحبه، إلا أن المال لما صار بسبب القبض مضمونا بضمان اليد فمقتضى الضمان أنه لو طرأ الفسخ وكان المال تالفا يجب رده بماليته. وأما رد قيمته يوم الفسخ فلا دليل عليه.
فيدور الأمر بين يوم التلف أو يوم الأداء، ومنشأ الوجهين هو ما تقدم في ضمان اليد: من أن التلف هل يقتضي أن تتقدر مالية المال في ذاك اليوم أو لا يقتضي ذلك