وهو أنه فرق بين أن يدل دليل على أن الخيار ثابت للمتضرر وبين أن ينفي اللزوم لحكومة لا ضرر على الحكم الذي ينشأ منه الضرر. فلو كان من قبيل الأول يمكن أن يقال: إن الموضوع هو الشخص المتضرر لا الوصف العنواني، والشخص باق كما في الخيار الثابت للبيع ولصاحب الحيوان ولذا يستصحب. وأما لو كان من قبيل الثاني فلا معنى للاستصحاب، لعدم تحقق أركانه أصلا، لأنه لم يثبت الخيار لشخص المغبون حتى يستصحب الخيار له. بل إنما دل لا ضرر على أن الحكم الضرري منفي، ففي مورد لم يكن الحكم ضرريا فلا حكومة. فالقضية المتيقنة غير المشكوكة بأسرها موضوعا ومحمولا ونسبة، لأن من يتمكن من إعمال الخيار ولو آنا ما فاللزوم ليس ضرريا عليه أصلا. هذا كله في التمسك بالاستصحاب.
وأما الرجوع إلى العموم في زمان الشك فتنقيح ما فيه يتوقف على ترتيب أمور:
الأول: أن الزمان بحسب طبعه الأصلي ظرف للأمر الواقع فيه، وكونه قيدا له يحتاج إلى عناية ومؤنة زائدة. ومنشأ جريان الاستصحاب في الزمانيات هو كون الزمان ظرفا، وإلا يكون من إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر.
الثاني: أن الزمان قد يكون ظرفا لمتعلق الحكم، وقد يكون ظرفا لنفس الحكم له، قد يقع الزمان تحت دائرة الحكم ويرد الحكم على الزمان كما يرد على الأفراد كما إذا كان إكرام كل عالم في كل زمان واجبا، وقد يقع الحكم تحت الزمان ويرد الزمان على الحكم فيكون الزمان ظرفا لوجوب الإكرام.
الثالث: أنه لو كان الزمان ظرفا للمتعلق يمكن استفادة العموم الزماني من الدليل الدال على وجوب المتعلق.
وأما لو كان الزمان ظرفا للحكم فلا يمكن استفادته من نفس دليل الحكم، لأن الحكم لا يمكن أن يتعرض لبقاء نفسه. فلا بد في ثبوته من التمسك بدليل الحكمة أو دليل آخر، كقوله (عليه السلام): حلال محمد (صلى الله عليه وآله) حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.