ولعل منشأ فتواهم بالجواز في هذه الصورة ما ذكره في الروضة: من أنها إنما تعتق بموت مولاها من نصيب ولدها، ولا نصيب له مع استغراق الدين، فلا تعتق، بل تصرف في الدين.
ويؤيده أيضا مقطوعة يونس، فإن قوله: " فإن كان لها ولد وليس على الميت دين فهي للولد " (1) بمفهومه يدل على عدم كونها للولد إن كان على مولاها دين.
ومعلوم أنه ليس مطلق الدين مانعا عن الإرث، بل هو الدين المستغرق.
ولكنك خبير بأن الرواية مع كونها مقطوعة مطلقة فتقيد بما دل على جواز بيعها في خصوص ما إذا كان الدين ثمن رقبتها.
وأما ما اختاره الشيخ ومن تبعه في مسألة الدين المستغرق فالأقوى خلافه، لأن التركة تنتقل إلى الورثة، غاية الأمر لا يجوز لهم التصرف ما لم يؤدوا الدين، فإذا انتقلت إليهم تنعتق الأمة من نصيب ولدها، وهذا هو الذي اختاره الشهيد الثاني في المسالك.
نعم، استشكل عليه صاحب المقابس انتصارا للشيخ بأمور أربعة:
أحدها: أن المستفاد مما دل على أنها تعتق من نصيب ولدها أن ذلك من جهة استحقاقه لذلك النصيب من غير أن تقوم عليه أصلا. وإنما الكلام في باقي الحصص إذا لم يف نصيبه من جميع التركة بقيمة أمة هل تقوم عليه أو تسعى هي في أداء قيمتها. انتهى.
وحاصل إيراده: أن أدلة الانعتاق من نصيب ولدها تختص بما إذا انعتقت عليه مجانا من دون أن يكون عليه شئ، وهذا يتم في ما إذا لم يكن الدين مستغرقا، وأما إذا كان مستغرقا فلا تقوم على الولد فلا وجه للانعتاق، فلا مانع من بيعها.
وبالجملة: إما لا تنعتق عليه، وإما إذا انعتقت فتنعتق عليه مجانا، فإذا امتنع الأخير تعين الأول.