عرفت أن كل ما يخسره على تقديري صدق البائع وكذبه فليس له الرجوع إليه على تقدير كذبه.
قوله (قدس سره): (ثم إنه قد ظهر مما ذكرنا: أن كل ما يرجع المشتري به على البائع إذا رجع إليه فلا يرجع البائع به على المشتري إذا رجع إليه.... إلى آخره).
لا يخفى عليك: أنه بعد ما ظهر مناط التسبيب بالضمان، وأنه فرق بينه وبين التسبيب بالفعل، وأن سبب الفعل هو الضامن لا غير دون الملقي في الضمان فإن المباشر هو الضامن ابتداء، غاية الأمر أنه يرجع بعد أداء المضمون إلى سبب الضمان فمقتضاه أمران:
الأول: أن في سبب الفعل ليس إلا ضامن واحد، وأما في سبب الضمان فهناك ضامنان.
والثاني: أنه ليس للمالك ابتداء الرجوع إلى السبب، بل هو يرجع إلى المباشر، ثم يرجع المباشر إلى السبب.
فما أفاده (قدس سره): من أنه كل ما يرجع المشتري به إلى البائع إذا رجع المالك إليه فلا يرجع البائع به إلى المشتري إذا رجع المالك عليه منحصر في بعض أقسام التسبيب في الضمان، وهو مورد بيع الغاصب مع جهل المشتري دون سائر أقسام الضمان، فإنه لو ضمن أحد بالتماس المديون دينه فالدائن يرجع إلى الضامن دون المديون، وهكذا في بعض موارد التغرير والتدليس، كما إذا لم يتصرف الغار في المال الذي أتلفه المغرور، أو تلف تحت يده فإن المالك أو الزوجة يرجع ابتداء إلى المغرور دون الغار والمدلس، فهذه الكلية المذكورة في المتن إنما تجري في موضوع البحث.
وحاصلها: أنه إذا رجع المالك إلى البائع في الغرامات التي لو رجع فيها إلى المشتري كان هو يرجع فيها إلى البائع لقاعدة الغرور فلا يرجع هو إلى المشتري، لأن المفروض أن قرار الضمان على البائع الغار، فلا وجه لرجوعه إلى المشتري فيما أخذه المالك منه، وأما ما لا يرجع فيه المشتري إلى البائع، كمساوي الثمن