إنما الكلام في أنه هل يختص كل واحد منها بما يتعارف التقدير به، أو يجوز التقدير بأحد هذه الأمور مطلقا، أو يفصل بين الوزن وغيره فيكتفى به في الجميع دون غيره؟ والأقوى هو الأول.
وتوضيح ذلك: أنه لا شبهة أن للوزن دخلا في مالية الأموال غالبا، حتى في المعدود إذا كان مأكولا، فإن الجوز والبيض ونحوهما يختلف قيمته باختلاف وزنه، وقد يتفق مدخلية عدد الشئ أو كيله أو ذرعه في ماليته. وعلى هذا فإذا كان لحجم الشئ دخل في المالية لا يكفي الوزن عن الكيل، كما أنه لو كان للذرع أو العدد دخل في المالية لا يكفي الوزن عنه.
نعم، يصح جعل الوزن طريقا إلى الذرع أو العدد أو الكيل إذا ثبت طريقيته لها بالامتحان والتجربة.
وعلى هذا فلا نعرف وجها محصلا لما أفاده المصنف (قدس سره) من أن الكلام: تارة في كفاية كل من التقديرين في المقدر بالآخر من حيث جعله دليلا على التقدير المعتبر فيه. وأخرى في كفايته فيه أصلا من غير ملاحظة تقديره المتعارف (1)، لأن الكلام: إما فيما لا دخل لغير الوزن في ماليته، وإما فيما له دخل فيها، فإذا كان المناط منحصرا في نفس المقدار لا يجوز تقديره إلا بالوزن، إلا أن يكون غيره طريقا مضبوطا إليه بحيث لا يتخلف عنه أصلا، أو بمقدار يتسامح فيه.
وإذا كان للعدد أو الحجم أو الذرع أيضا دخل يجب مضافا إلى الوزن تقدير كل بما له دخل في ماليته، ولا يصح الوزن أو العد بدل الكيل، ولا الكيل أو الوزن بدل العد، إلا أن يكون طريقا مضبوطا إليه بحيث لا يتخلف عنه إلا بمقدار يتسامح فيه.
ولا يدل رواية وهب على تقدير ما يكال بالوزن وما يوزن بالكيل، لأن قوله (عليه السلام): " لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال وما يكال فيما يوزن " (2)