واختار صاحب الرياض (1) عدم رجوعه إليه فيما اغترمه في مقابل المنافع المستوفاة. ومستنده عدم ورود ضرر عليه لاستيفائه المنافع.
وفيه: أن المستند ليس منحصرا في قاعدة الضرر، بل عرفت عدم كونها مستندا هنا أصلا، وإنما المستند للرجوع هو رواية جميل، والأخبار الواردة في باب النكاح وقاعدة الغرور، ولو منعنا عن كون حرية ولد المشتري نفعا عائدا إليه إلا أنه لا ريب في أن الزوج الذي يرجع بالمهر الذي يؤخذ منه إلى المدلس انتفع بالبضع.
وبالجملة: يستفاد من الأخبار الخاصة أن المدار في رجوع المغرور إلى الغار هو مجرد ضمانه بما يؤخذ منه بسبب إلقائه الغار في الضمان، سواء انتفع أم لم ينتفع، وسواء كان الضمان هو زيادة القيمة على الثمن أم غيرها مما خسره.
فتحصل مما ذكرنا أمور ينبغي التنبيه عليها:
الأول: أن مورد الرجوع إلى السبب ابتداء غير مورد الرجوع إليه في المرتبة الثانية، فإن مورد تعلق الضمان بالسبب ابتداء لا بالمباشر هو ما إذا لم يكن الفعل مستندا إلى المباشر، إما لكونه غير ذي شعور، كالطائر ونحوه، وإما لكون فعله كالعدم، كالصبي والمجنون، وإما لكونه واجبا عليه كالحاكم ومن كان مأمورا من قبله. ومورد تعلق الضمان ابتداء بالمباشر ثم بالسبب في المرتبة الثانية هو ما إذا كان الفعل صادرا منه بالاختيار من دون إكراه خارجي، ولا لزوم شرعي، غاية الأمر كان غيره ملقيا إليه في الضمان، إما لالتماس الضمان منه، وإما لتغريره له بما يوجب الضمان.
الثاني: أن ضمان السبب في القسم الثاني إنما هو بعد أداء المباشر الغرامة، وأما قبله فلا يؤخذ بالضمان، فليس للمغرور مطالبة الغرامة من الغار ابتداء. كما أنه ليس للضامن مطالبة المضمون عن المضمون عنه في الضمان العقدي.