تذنيب:
بعد ما ظهر عدم الفرق في العقود المترتبة بين أن يكون العقد الأول صادرا من الغاصب، وأن يكون صادرا من غيره فيجري فيها لو صدر من الغاصب ما يجري فيها إذا صدر من غيره. وتقدم أن الإجازة المتعلقة بمال المجيز بناء على الكشف الحقيقي مستلزمة لصحة ما بعده مما ورد على مورده وفسخ بالنسبة إلى ما قبله، والإجازة المتعلقة بالعوض متوقفة على صحة ما قبله وساكتة عما بعده. وأما بناء على النقل فيبنى على اعتبار ملك المجيز حين العقد وعدمه، وعلى هذا فيقع البحث في الكشف الحكمي في أن التوقف والاستلزام هل يجري فيه أيضا، أو أنه في هذا الحكم كالنقل؟
والظاهر أنه في مسألة الاستلزام كالكشف الحقيقي، فإن العقود المترتبة على مال المجيز صحتها بإجازة العقد السابق عليها إذا كان من هذه السلسلة من الآثار الممكنة الترتب على الإجازة، لأن من أثر إجازة مالك العبد بيع العبد بالفرس هو أن يصح بيع مشتري العبد العبد بكتاب، وهكذا بيع الثالث العبد بدينار.
وأما في مسألة التوقف فيشكل الأمر، لأن توقف صحة العقد المجاز على صحة العقد السابق عليه ليس من المداليل اللفظية حتى يطرد الحكم بناء على الكشف الحكمي، بل مرجعه إلى دلالة الاقتضاء.
وحاصلها: أن صحة المعلول تتوقف على صحة ما هو بمنزلة العلة له، وجريان هذه الدلالة الاقتضائية على الكشف الحكمي في غاية الإشكال، سيما بناء على كونه من باب التعبد، فإن الحكم بتحقق علة الأمر المتأخر سابقا ليس من الأمور الممكنة الترتب حتى تترتب من حين العقد بسبب تحقق الإجازة بعد ذلك، بل يمكن منع ذلك بالنسبة إلى الكشف الحقيقي أيضا، فإن الالتزام بهذا المحال إنما هو فرع قابلية العقد للإجازة، وقابليته لها إذا توقفت على صحة البيع السابق لا يمكن أن يصحح البيع السابق بهذه الإجازة.
وبعبارة أخرى: لو دل دليل على صحة تعلق إجازة المالك بأي عقد من العقود