- مضافا إلى أن مقصود الواقف لا يدخل تحت ميزان منضبط - أنه لا دليل على رعاية مقصوده إلا إذا كان من منشأته. فإن الغرض تارة يكون من الدواعي فلا أثر له في شئ من العقود، ولا يوجب تخلفه خيارا ولا بطلانا. وأخرى يكون قيدا في ما أنشأه، وهذا في الوقف إنما يتصور بالنسبة إلى المراتب الطولية للمال كما هي كذلك في باب الضمان، دون بدل العين الموقوفة.
وتوضيح ذلك: أن مقتضى تعلق الوقف بما يطرؤه الفساد أن يكون متعلق الوقف أولا: هو العين بخصوصيتها الشخصية. وثانيا: بماليتها، ولذا يجوز بيعها إذا لم يمكن الانتفاع بشخصها، فيتعلق الوقف ثانيا بمالية الشئ.
ولذا نقول بأنه لا يجب إجراء صيغة الوقف بالنسبة إلى بدل العين، بل نفس شرائه بنفسه يقتضي كونه وقفا. وأما تعلق الوقف بما هو أقرب من العين الموقوفة فهذا ليس من مقتضيات الوقف ومن منشآت الواقف، بل إذا قيل به فلا بد أن يستند إلى حكم شرعي، وحيث لم ينهض عليه دليل فلا وجه لشراء المماثل، بل يجب ملاحظة مصلحة البطون.
إلا أن يقال: إن المثل مقدم على المالية بحسب المرتبة، فإنه كنفس العين بعد تعذر العين، فبحسب المراتب الطولية ما دام المثل موجودا لا تصل النوبة إلى غيره، فبعد جواز تبديل العين يقدم شراء المثل على غيره كما في باب الضمان.
الرابع: هل المتصدي لبيع العين الموقوفة هو الناظر المنصوب من قبل الواقف لو كان، أو هو وظيفة الحاكم؟ وجهان، والأقوى هو الثاني، لعدم شمول دليل النصب لهذا التصرف، فيرجع إلى الحاكم، وإن كان الأحوط مراعاة نظر كليهما.
ثم بناء على هذا فليس له النظارة في بدل العين الموقوفة، بل حكمه حكم الأوقاف التي لا متولي لها.
قوله (قدس سره): (فاعلم: أن الكلام في جواز بيع الوقف يقع في صور: الأولى: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه.... إلى آخره).
لا يخفى أن هذه الصورة هي المتيقن في كلام كل من قال بجواز بيع الوقف