الضامن قبل ضمانه ضامنا وبعده برئ ذمته وصار الضامن ضامنا، لأن حقيقة ضمان شخص ما في ذمة الآخر مع وحدة الدين أن لا يكون للمالك حق على المديون، ولذا لو اشترط بقاء ذمته يكون الشرط منافيا لمقتضى العقد والكتاب والسنة.
* * * قوله (قدس سره): (هذا حال المالك بالنسبة إلى ذوي الأيدي، وأما حال بعضهم بالنسبة إلى بعض فلا ريب في أن اللاحق إذا رجع إليه لا يرجع إلى السابق.... إلى آخره).
لا يخفى أنه ظهر مما ذكرنا أمور أربعة:
الأول: جواز رجوع المالك إلى كل من شاء من الأيدي المتعاقبة.
ووجهه: هو تحقق سبب الرجوع في الجميع وهو اليد العادية. وإن " على اليد ما أخذت " كما يشمل الأيدي المختلفة على الأموال المختلفة كذلك يشمل الأيدي المختلفة على المال الواحد كما هو شأن كل قضية حقيقية.
الثاني: أنه لو رجع إلى أحدهم وأخذ عوض ماله منه ليس له الرجوع إلى الآخر.
ووجهه: هو وحدة الحق، وكون ما في ذمة السابق هو ما في ذمة اللاحق، أي:
مخرج ما في ذمة الأول ذمة الثاني، فليس هناك ذمتان عرضيتان.
الثالث: رجوع السابق إلى اللاحق لو لم يكن غارا له، ولو لم يتلف المال عنده، بل تلف عند غيره.
ووجهه: أن ذمة اللاحق مشغولة بما يجب خروجه عن ذمة السابق، أي: ذمته مخرج لما يضمنه الأول، فما يؤديه الأول يؤخذ من الثاني، لاشتغال ذمته للمالك بما له بدل أي عهدة في الأول، فإذا رجع المالك إليه فهو لا يرجع إلى السابق، لعدم كونه مغرورا منه بالفرض. وأما لو رجع المالك إلى السابق فهو يرجع إلى الثاني، لأنه ضمن شيئا له بدل في ذمة السابق، والبدل يجب أن يخرج من الثاني، وهذا هو