للمجيز ونفوذها منه إنما هو حكم شرعي من آثار السلطنة على المال، فإذا كان المالك ممنوعا من التصرف في ماله فهو ممنوع من الإجازة أيضا، فلا تقاس مسألة الإجازة على مسألة إعمال الخيار من المفلس والمريض، لأن الخيار حق مستقل في عرض المال، ولا يدور مدار جواز التصرف في المال، فالمنع من التصرف فيه لا يلازم المنع من إعمال الخيار، وهذا بخلاف الإجازة فإنها تابعة للملك، وحكم شرعي يدور مدار السلطنة على المال.
وأما الثانية: فالأقوى عدم اعتبار وجود مجيز فعلي نافذ الإجازة حال العقد، فلو بيع مال اليتيم بلا مصلحة له أو زوج مع عدم وجود الأب والجد ولا الوصي من قبلهما فلا مانع من صحة العقد بحيث إذا بلغ أجازه، لأنه لم يقم دليل تعبدي على اعتبار وجود المجيز حال العقد في نكاح الصغير، بل الدليل على خلافه، فإن الأخبار الواردة في تزويج الصغار فضولا لو لم تكن ظاهرة في مورد عدم وجود المجيز على ما هو منصرفها فلا أقل من إطلاقها. ولا تقتضي القاعدة أيضا اعتبار وجود المجيز، لأن أهلية العقد وشأنيته لإلحاق الإجازة به تكفي لصحته.
فقول العلامة: بأن صحة العقد والحال هذه ممتنعة، وإذا امتنع في زمان امتنع دائما (1) لا وجه له صغرى وكبرى.
أما الصغرى فلأنه لا وجه لامتناعه إلا إذا كان مفاد عقد النكاح أو البيع هو تحقق المنشأ حين الإنشاء. وأما إذا لم يكن مفاد العقد إلا أصل الإنشاء فكل زمان تحققت الإجازة تتم أركانه.
وأما الكبرى فلأن وجه امتناعه فعلا ليس من باب اختلال أحد أركان العقد، كشرائط الصيغة والعوضين بحيث إذا امتنع العقد من جهة اختلال شرطه امتنع دائما، بل من جهة عدم وجود المجيز فعلا، فلو وجد بعد ذلك من له أهلية الإجازة وأجاز لصح من حين الإجازة.