فلو ملك المبيع لا يمكن أن يصح البيع بالملكية الحاصلة بعد العقد، فإنه حين وقوعه كان موقوفا على إجازة مالكه، ومن كان مالكا لم يجزه حين البيع، ولا مجال لتأثير إجازته بعد ذلك، لصيرورته بالنسبة إلى المبيع أجنبيا، ومن صار مالكا لا يفيد إجازته، لعدم كونه مالكا حين البيع فضلا عما إذا لم يجز.
وأما إذا كان لوجود المانع فعقده لا قصور فيه إلا كون المبيع غير طلق ومتعلقا لحق الغير، فإذا تم طلقيته وزال حق الغير فلا مانع من صحته.
ثم إن نزاع الكشف والنقل يجري فيه أيضا، لما عرفت من أن المدار ليس على مدلول لفظ " أجزت " حتى يقال: السقوط بنحو آخر غير متعرض للعقد، بل على تمامية العقد، وكشف السقوط عن كونه سببا تاما، فيؤثر من أول الأمر.
نعم، القول بالكشف فاسد من أصله، لامتناع الشرط المتأخر، ولكنه على فرض صحته فبرهان الصحة يجري في جميع الأبواب.
* * * قوله (قدس سره): (مسألة: إذا جنى العبد عمدا بما يوجب قتله أو استرقاق كله أو بعضه فالأقوى صحة بيعه.... إلى آخره).
لا يخفى أن مقتضى ما ذكره الفقهاء في مقام تمييز الحقوق من جعل حق الجناية مقابلا لحق الرهانة: هو صحة بيع العبد الجاني وإن جنى عمدا، فضلا عما إذا جنى خطأ أو شبه العمد، وذلك لأن مقصودهم من قولهم: إن حق الفقراء - مثلا - على المال الزكوي هل هو من قبيل حق الرهانة أو حق الجناية؟ أن الجناية وإن كانت من الحقوق المتعلقة بالعبد الجاني إلا أنها ليست من قبيل الرهانة التي يعتبر فيها أن يكون المال المرهون مخرجا للدين من ملك الراهن، فإذا صح بيعه فلا بد من أن يبطل الرهن، وحيث إنه لا وجه لبطلانه مع كونه أسبق من البيع فلا محالة يبطل البيع.
وأما حق الجناية فلا يشترط في استيفائه بقاء الجاني في ملك من كان مالكا