جواز بيع العين الموقوفة نستكشف منه عدم اعتبار الطلقية قبل البيع، بل قابلية البيع ومالكية البائع وسلطنته عليه يكفي في صحة البيع. فعلى هذا لا الوقف مانع عن البيع، ولا البيع يعتبر في متعلقه أن لا يكون وقفا قبله. نعم، البيع والوقف لا يجتمعان.
قوله (قدس سره): (إذا عرفت أن مقتضى العمومات في الوقف عدم جواز البيع فاعلم:
أن لأصحابنا في الخروج عن عموم المنع في الجملة أقوالا.... إلى آخره).
لا يخفى أن موضوع البحث وإن كان الوقف الخاص إلا أن الأولى ذكر جميع أقسامه على الإجمال وبيان أحكامها على مقتضى الأصل.
فنقول: للوقف أقسام خمسة:
الأول: وقف المشاعر: كالمسجد والمشهد، ولا يبعد إلحاق الحسينية بهما، وهذا هو الذي يقال: إنه تحرير وفك ملك، أي: إبطال للملكية، وليس تمليكا للمسلمين، فهو بمنزلة عتق العبد.
الثاني: ما يلحق بالأول: كوقف الخانات والقناطر وما يشبه ذلك مما يوقف، لانتفاع كل من سبق إليه، فإنه أيضا تحرير.
الثالث: ما كان وقفا على الجهة، كالوقف على العلماء، وطلاب المدارس، والزوار، ونحو ذلك. والفرق بينه وبين القسمين الأولين: أن الوقف في هذا القسم ليس تحريرا وإدخالا له في المباحات، بل تمليك للجهة، ولذا لو غصبه غاصب يحكم بضمانه دون الأولين.
الرابع: ما كان وقفا خاصا، كالوقف على الذرية في مقابل القسم الثالث الذي يطلق عليه " الوقف العام " أيضا.
ثم هذا القسم قد يكون مؤبدا، وقد يكون منقطع الآخر، أي: تارة يجعله بعد فرض انقطاع الذرية لمصرف خاص، وقد لا يجعله كذلك.
الخامس: الوقف على الموقوفات: كالحصير على المسجد، أو الفرش على المدارس، والفرق بينه وبين القسم الثالث: أن في القسم الثالث يملك الموقوف عليه المنفعة، ولذا يصح إجارته. أما هذا القسم فمجرد إباحة الانتفاع.