قوله (قدس سره): (مسألة: يجوز أن يندر لظرف ما يوزن مع ظرفه مقدار يحتمل الزيادة والنقيصة على المشهور.... إلى آخره).
لا يخفى أن موضوع هذه المسألة غير موضوع المسألة الآتية، وهي بيع المظروف مع ظرفه، فإن هذه المسألة عبارة عن بيع المظروف دون ظرفه، ولذا يتفرع عليه مسألة إندار الظرف.
ثم إن الإندار المفروض في المقام: تارة يلاحظ قبل رتبة البيع، وأخرى بعدها. والمصنف (قدس سره) استظهر من عبارات القوم: أن مفروض كلامهم هو الثاني، ولكن الحق: أن عباراتهم ولو لم تكن ظاهرة في الأول إلا أنها قابلة للحمل عليه، مع أن صحة الصورة الثانية لا تخلو عن إشكال، فإنه إذا وزن الظرف والمظروف وبيع المظروف قبل الإندار ثم اندر للظرف بعد البيع يكون المبيع مجهولا، ولا يصححه كون هذا العمل متعارفا عند التجار، وإن تحقق التراضي من المتبايعين أيضا، وإلا لصح بيع كل موزون بلا وزن مع تراضيهما.
وبالجملة: عنوان هذه المسألة في كلمات الأساطين إنما هو لاستثناء بيع الموزون الذي لم يعلم وزنه تحقيقا، وإنما علم تخمينا وتقريبا.
فصورته: أن يوزن الظرف بما فيه، ثم يندر مقدار للظرف مع جريان عادة التجار على الإندار ومع تراضي المتبايعين على المقدار، ثم يباع المبيع، فالإندار يوجب تعيين المبيع والثمن كليهما، وليس مخصوصا لتعيين ما يستحقه البائع من الثمن.
ثم إن المقدار المندر: تارة لا يحتمل الزيادة والنقيصة إلا بمقدار يتسامح فيه، وأخرى يعلم الزيادة أو النقيصة، وثالثة يحتمل كلاهما.
وعلى جميع التقادير يصح البيع مع التعارف والتراضي، غاية الأمر في مورد العلم بزيادته على المقدار أو نقيصته يتضمن البيع هبة من أحدهما، بل مقتضى ما ذكرناه من أن المدار على التعارف والرضا بما يتعارف هو صحة الإندار فيما يباع بلا ظرف، كما هو المتعارف في بيع المخضرات، فيباع من من البطيخ ونحوه، ويندر مقدار منه ويسمى بالترك.