ونتيجته: أنه لو رجع المالك إليه فهو يرجع إلى لاحقه دون سابقه لو كان هناك لاحق، ولو رجع إلى السابق فهو يرجع إليه، لأنه كان ضامنا على أي حال.
أما كونه ضامنا للمالك فلدخول المال تحت يده.
وأما كونه ضامنا للسابق فلأن شمول " على اليد " لليد الأولى اقتضى كون خصوصية ما في اليد الأولى مضمونا على اليد اللاحقة، فتأمل في أطراف ما ذكرناه، فإن هذا غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام.
ثم إن هنا فروعا ينبغي التنبيه عليها:
الأول: إذا تلف العين فإذا أبرأ المالك جميعهم فلا إشكال في سقوط حقه، إنما الإشكال في ما لو أبرأ أحدهم فهل يبرأ الجميع، أو خصوص ذلك، أو التفصيل بين السابق عليه فتبرأ ذمته، واللاحق فلا؟ وجوه:
وجه الأول: هو وحدة الحق وإن كان سبب الضمان متعددا، والإبراء يرجع إلى المسبب، فإذا أسقطه سقط عن ذمة الجميع، كما لو أخذ بدله من بعض.
ووجه الثاني: أن الإبراء يرجع إلى السبب فيسقط عن ذمة خصوص من أبرأ ذمته دون غيره، ولا يخفى ضعف هذا الوجه.
ووجه الثالث: هو أن الحق وإن كان واحدا إلا أن السبب متعدد، ومقتضى إبرائه أحدهم أن يبرأ هو ومن لا يمكن مع فراغ ذمته اشتغال ذمته، وليس هو إلا السابق، فإن ذمته كانت مشغولة بما يكون مخرجه من اللاحق، فإذا أبرئ اللاحق فلا يعقل بقاء الاشتغال للسابق، لأن معنى بقائه: أن يكون مخرجه من اللاحق، والمفروض فراغ ذمته بإبراء المالك، إلا أن يلتزم بعدم تأثير إبراء المالك في السلسلة الطولية بالنسبة إلى واحد، وهذا لا يمكن الالتزام به.
وأما اللاحق فبراءة ذمة السابق لا تستلزم عقلا براءة ذمته. ونحن اخترنا سابقا هذا التفصيل ووجهناه: بأن الإبراء ليس بمنزلة استيفاء الحق، بل هو بمنزلة إعدام موضوع المطالبة من المبرأ عنه، فإذا استلزم هذا الإعدام إبراء ذمة واحد آخر كالسابق فهو، وإلا لا وجه لسقوط حق المالك عن غير المبرأ عنه، فعلى اللاحق خروجه عن عهدة ما ضمنه للمالك وإن لم يكن ضامنا للسابق.