كان الوزن طريقا لذرعه كالأقمشة المصنوعة بالمكائن فإنها يعلم مقدار أذرعها بوزنها.
ثم إن ظاهر الأخبار (1) الواردة في المكيل والموزون والمعدود وجوب اعتبار الكيل والوزن والعد فيها، سواء كان عدمها غرريا أو لا، فكون الغرر شخصيا أو نوعيا لا دخل له في هذه الأبواب، إلا أن هذا الظهور متبع فيما كان مقدار مالية المال غير محرز إلا بالكيل أو الوزن أو العد، وأما إذا أحرز بالمشاهدة ونحوها فيصح بيعه بلا تقديره بهذه الأمور.
ولذا جرت السيرة على بيع مقدار من الدهن والحبتين والثلاثة من الحنطة وزبرة من الحديد، لخروج هذه الأشياء عن أدلة اعتبار الوزن.
وتوضيح ذلك: أن المخصص المنفصل إذا كان مجملا مفهوما يخصص العموم به بالقدر المتيقن منه ويتمسك بالعموم في المشتبه، ففي المقام مقتضى عمومات أدلة البيع عدم اعتبار الكيل والوزن، ولا العد والذرع، إلا أنه ثبت في الجملة اعتبار هذه الأمور، ولكن الدليل الدال عليه لا إطلاق له.
أما دليل العد فلأنه ليس إلا رواية الجوز (2)، وهي ناظرة إلى جهة أخرى، وهي كفاية الكيل عن العد، ولا تدل على اعتبار العد إلا لاستفادة كونه مفروغا عنه عند السائل. وأما خصوصيات اعتباره فالدليل مجمل بالنسبة إليها.
وأما أدلة الكيل والوزن فأظهرها هو ذيل صحيحة الحلبي، وهو قوله (عليه السلام):
" وما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة، هذا مما يكره من بيع الطعام " (3). وظهورها في اعتبار الكيل في المكيل لا شبهة فيه، إلا أنها تختص بما كان مناط مقدار ماليته الكيل أو الوزن مثلا. وأما لو كان مناطه العدد وإن كان