ولكنك عرفت أن الأمر بالعكس، وأن الطلقية شرط، وعدم جواز بيع الوقف ونحوه فرع له، لأن الطلقية: عبارة عن عدم قصور السلطنة، ويتفرع عليه عدم جواز بيع الوقف ونحوه.
وعلى أي حال، الحقوق المانعة عن الاستقلال بالبيع وإن عدت أكثر مما ذكره الأساطين وقد أنهاها صاحب المقابس (1) إلى أزيد من عشرين إلا أن بعضها ليس داخلا في الحقوق المانعة كحق الشفعة، وبعضها يرجع إلى هذه الثلاثة، بل أمهات الحقوق اثنان.
ولذا يقال في تمييز الحق: إنه هل هو من قبيل حق الجناية، أو من قبيل حق الرهانة؟
نعم، بعضهم جعل تعلق حق السادات والفقراء بالخمس والزكاة حقا برأسه وأصلا مستقلا.
* * * قوله (قدس سره): (لا يجوز بيع الوقف إجماعا.... إلى آخره).
لا يخفى أن موضع البحث هو الوقف الخاص، وقد استدل على بطلان بيعه بأن حقيقة الوقف تقتضي ذلك، لأن معناه لغة (2): إيقاف الشئ، فإذا أنشأ الواقف هذا المعنى الذي عرف في النبوي المعروف ب " حبس الأصل وسبل الثمرة " (3)، وعرفه الأصحاب بقولهم: تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة (4)، فينافي البيع مع مقتضاه.
ولكنه لا يخفى أن مجرد كون المنشأ وقف الشئ لا يقتضي لزومه وعدم جواز بيعه من الواقف أو الموقوف عليه، فإن الهبة تمليك من المتهب، مع أنه يجوزون الرجوع فيه.