ثم إنه لو قلنا في القيميات بقيمة يوم التلف فالحكم واضح. وأما لو قلنا بأعلى القيم فمقتضاه أن زيادة القيمة السوقية كنفس القيمة في عهدة الغاصب، وعلى هذا فلو كانت قيمة العين حين ما وقعت في يد الغاصب الأول عشرة وحين ما ترتبت عليها يد الغاصب الثاني اثني عشر، ثم تنزلت قيمته فدخلت بعد ذلك تحت يد الثالث فتلفت عنده، أو عند الرابع من دون ترق فللمالك مطالبة الأعلى من الأول، أو الثاني دون الثالث أو الرابع، لأنها دخلت تحت يد الثالث ومن بعده نازلة القيمة، فلا وجه لضمانها الأعلى، وإنما يضمنان القيمة التي وصلت العين إليها.
وهذا هو مقصود المصنف (قدس سره) في قوله: " ولو كان قبل ذلك في ضمان آخر وفرض زيادة القيمة عنده ثم نقصت عند الأخير اختص السابق بالرجوع بالزيادة عليه " (1) أي نقصت قبل دخوله تحت يد الأخير.
وبالجملة: حكم تفاوت الرغبات بناء على القول بأعلى القيم في القيميات حكم الصفات التالفة، فمن تلفت عنده أو عند من ترتبت يده عليه فهو ضامن، دون من أخذه في حال النقصان ولم يترق عنده ولا عند من يده مترتبة عليه، وذلك واضح جدا.
وأما حكم رجوع المشتري إلى الغاصب - بعد فرض رجوع المالك إليه - فالكلام فيه: تارة في الثمن الذي سلمه إلى الغاصب، وأخرى فيما يغرمه للمالك زائدا على الثمن. فهنا مسألتان:
الأولى: في أصل الثمن، والكلام فيه: تارة مع بقائه عند الغاصب أو عند من انتقل إليه، وأخرى عند تلفه.
أما مع بقائه فلا ينبغي الإشكال في جواز رجوعه إليه واسترداده منه، سواء كان عالما بالغصبية أم جاهلا، إلا إذا اعترف بكونه هو المالك. وأما لو لم يقر بكونه مالكا أو أقر ولكن إقراره كان مستندا إلى اليد التي ثبت عدم كونها حقا فله الرجوع إليه. وعلى فرض شمول إطلاق قول المشهور: بعدم جواز الرجوع إليه إذا