مدعي الصحة، إلا أن يكون هناك ظهور لفظي في الإبهام فإن الأصل العملي لا يعارض الظواهر اللفظية، ولا يبعد أن يكون الظهور في مثل العبيد ونحوها من الأمور المتباينة وفي مثل الصيعان المتفرقة مع من يدعي البطلان.
وأما الوجه الثالث - وهو أن يبيع صاعا كليا - فالأقوى صحته، لأنه وإن أضاف الصاع إلى الصبرة ولم يجعله كليا مطلقا إلا أنه مع هذا لم يخرج عن الكلية، لأنه لا فرق بين أن يبيع صاعا في الذمة وأن يبيع صاعا من الصبرة، غاية الفرق:
أن الثاني يكون من الكلي في المعين.
وأما الفرق بين الكلي في المعين وأحدهما المبهم ففي غاية الوضوح، فإن المبيع في الثاني جزئي خارجي مردد بين هذا الفرد والفرد الآخر. ووجه فساده:
إبهام المبيع، لأن ما في الخارج ليس إلا هذا بخصوصيته وذاك بخصوصيته، فكل واحد هو هو بنفسه، لا مرددا بينه وبين غيره، فأحدهما المردد مفهوم انتزاعي وهمي لا من المفاهيم المتأصلة، ولا منتزعة عن منشأ انتزاع صحيح، فلا يصح تعلق البيع به. وأما المبيع في الأول فهو أمر كلي، وهو طبيعي الصاع، غاية الأمر تنحصر مصاديقه في أفراد تلك الجملة.
ففي القسم الثالث جميع الخصوصيات الفردية خارجة عن المبيع، وهذا بخلاف القسم الثاني فإنه فرد مردد، ولا محيص إلا عن دخول الخصوصيات في المبيع إذا كان فردا.
وبعبارة أخرى: المبيع تارة نفس الطبيعي، وأخرى هو الفرد المنتشر في الجنس، وهو يحصل بدخول تنوين التنكير في الجنس.
ثم إنه ظهر مما ذكرنا في طي تصوير هذه الوجوه الثلاثة: أن هنا وجها آخر، وهو: بيع أحدهما المعين عند البائع المجهول عند المشتري. ولا ينبغي الإشكال في بطلانه، وأن حكمه حكم الوجه الثاني، وقد ذكرنا: أن هذا الوجه خارج عن محط كلمات الأساطين في بيع بعض من جملة متساوية الأجزاء أو مختلفتها، فانحصر الوجوه في ثلاثة بحسب الثبوت.