الخبران (1) الدالان على أن الوقف الموقت مطلقا صحيح، وغير الموقت باطل.
والمراد من الموقت: هو الذي جعله وقفا على أشخاص خاصة، أو مصرف خاص.
وغير الموقت ما لا يكون كذلك، كما لو قال: " هذا وقف " فالمنقطع يصح وقفا ما دام الموقوف عليه باقيا، وإذا انقرض يبطل.
ولا وجه لاحتمال كونه حبسا إلا توهم اعتبار التأبيد في الوقف، ولكنه فاسد، لأن المراد منه ليس إلا عدم توقيته مدة، لا كونه دائميا بحيث يبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
هذا، مضافا إلى ما يقال: من عدم القول بكونه حبسا، بل قيل (2): بأنه وقف ملحق بالحبس. وعلى أي حال لا وجه لكونه حبسا، بل لا بد إما من القول بالبطلان رأسا، وإما بوقوعه وقفا، وذلك لأنه لا نرى الفرق في ما ينشئه الواقف بين قوله: " وقفت على ذريتي " وقوله: " وقفت على ذريتي وإن انقرضوا فللفقراء ".
فحمل الأول على الحبس والثاني على الوقف لا وجه له.
وبالجملة: للحبس عنوان مستقل، لأنه بمنزلة الإجارة، والوقف بمنزلة الهبة، وكل منهما يحتاج إلى القصد، فلو قصد الوقف وأجرى الصيغة لا يمكن أن يقع حبسا.
نعم، لو قيل بأن الوقف المنقطع الآخر باطل رأسا يدخل ما يعلم الواقف بانقراضه في الوقف الموقت، فيقع النزاع في أنه يبطل رأسا أو يقع حبسا؟
وكيف كان، بعد القول بصحته فهل يرجع بعد الانقراض إلى ورثة الواقف، أو ورثة الموقوف عليه، أو يصرف في وجوه البر؟ أقوال، والأقوى هو الثاني، لأن غاية ما يوجه به رجوعه إلى الواقف أو ورثته: هو أن الموقوف عليه لم يخلف مالا حتى يرثه وارثه، لأنه وإن ملكه بتمليك الواقف إلا أنه ملكه ما دام حيا، ولذا لو كان بعده طبقة أخرى يملك تلك الطبقة دون وارث الموقوف عليه، فإذا فرض