ونحو ذلك التي هي ملحقة بالحصير الذي يوقف على المسلمين ويوضع في المسجد لانتفاعهم، فحيث إنه ملك غاية الأمر ليس طلقا فلا مانع من بيعه إذا طرأ ما يوجب بيعه ورأي ولي الموقوف عليه المصلحة في ذلك.
وعلى هذا فلا يقال: كيف لا يجوز بيع المسجد ويصح بيع جذوعه إذا انكسر؟
وذلك لأن ما وقع عليه التحرير هو نفس الأرض، لا أجزاء بناء المسجد.
ومما ذكرنا ظهر الملازمة بين بقاء الملكية وتعلق الضمان به، فلو ثبت في مورد عدم الضمان نستكشف أنه تحرير لا وقف على الجهة. كما أنه لو ثبت في مورد أنه تحرير نثبت به عدم الضمان، والجمع بين كلمات العلماء غير ممكن، واستفادة الاتفاق منهم مطلقا أو في مورد خاص ممتنع. وعليك بمراجعة المتن، فإنه (قدس سره) قد بذل جهده في استقصاء الكلمات شكر الله سعيه.
وكيف كان، الفرق بين بناء المسجد ونحوه والعرصة واضح، فإنه لو جعل شخص عرصة مبنية بالأخشاب والآلات مسجدا ووقفها كذلك فالعرصة لا يجوز بيعها. وأما الآلات فيجوز، لأنه لو جعل ما يعرض عليه الخراب والانهدام وقفا يتعلق النظر - لا محالة - بالأعم من نفس العين بخصوصيتها ومن ماليتها، وهذا بخلاف نفس الأرض فإنها قابلة للبقاء فلا يجوز بيعها، ولا ينافي ذلك كون المجموع من الأرض والبناء وقفا بصيغة واحدة، لأن اختلاف أجزاء الموقوفة إنما هو لاختلاف حقيقتها، فيلحق كل جزء حكمه.
ثم إنه قبل بيان المسوغات للبيع لا بأس بالتنبيه على فروع:
الأول: أنه لو بيع العين واشتري بثمنها عين أخرى فهل حكمها حكم العين الأولى في أنه لا يجوز بيعها إلا بطرو المسوغ، أو يجوز بيعها وتبديلها إذا رأى المتولي المصلحة مطلقا؟ وجهان، والأقوى الثاني، لأن عدم جواز البيع ليس من إنشاء الواقف حتى يقال: إن حكم البدل حكم المبدل، بل هو من أحكام الوقف شرعا، والحكم الشرعي إنما ثبت في نفس العين التي وقفها الواقف، دون العين الأخرى التي اشترى بثمن العين الأولى.